أسبوع العلاّمة المُقدّس السيد محمد علي فضل الله (قده) في بنت جبيل

25/11/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد الأستاذ محمد عبد الوهاب عمرو

أحيت مدينة بنت جبيل وجوارها ذكرى أسبوع العلاّمة المُقدّس السيّد محمّد عليّ فضل الله، يوم الأحد الواقع فيه ٧ تموز ٢٠١٩ م. باحتفال حاشد أقيم في مجمع الحاج موسى عبّاس في المدينة، حضره رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»النائب محمد رعد، النائب حسن فضل الله، رئيس «الاتحاد العالميّ لعلماء المقاومة» الشيخ ماهر حمود، رئيس «لقاء علماء صور» الشيخ علي ياسين، ممثل عن قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، وشخصيات علمائيّة وحزبيّة واجتماعيّة وبلدية وثقافيّة ومختاريّة وحشود شعبيّة غصَّت بهم القاعة.

استهلّ الحفل بآيات من القرآن الكريم، فكلمة تعريف من السيّد شفيق الموسوي، ثم ألقى العلاّمة السيّد عليّ فضل الله كلمة استهلَّها باستحضاره للعلاقة الأبويّة الَّتي كانت تربطه بعمّه، عارضاً أهمّ محطات حياته ودوره الرساليّ في نشر تعاليم الإسلام ووقوفه في وجه الفتن التي عصفت بالوطن، وصولاً إلى تقديمه يد المساعدة والعون للمحرومين والفقراء والأيتام، واحتضانه للشباب المجاهد في عمله المقاوم ورعايته.

وقال: «إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى أمثاله، ممن عاش الإسلام عميقاً في نفوسهم، وتمثّلوه في كلِّ معانيه؛ معاني الرحمة والسلام والخُلُق العظيم، وحرصوا بكلِّ جهدهم على أن يحفظوا هذا الدين من الغلو والتطرف والخرافة، وأن يقدموه وسطياً عقلانياً، إنسانياً، نقياً، صافياً ومنفتحاً على الآخر، ليكون الإسلام بذلك قادراً على أن يتجاوز كلّ الحواجز الطائفية والمذهبية التي غالباً ما تقف لتمنع الفكر من أن يتلاقى مع الفكر، والإنسان مع الإنسان، وتسدّ منافذ الحوار، وتعزّز منطق العصبيّات وروح الانغلاق ».

وأضاف سماحته: «إننا بحاجة إلى أمثاله من علماء يعيشون علمهم عملاً، ويبيّنونه للناس، ويحركونه في الحياة، ليملأوها خيراً وعدلاً وقوةً ومسؤوليةً... العلماء الذين يرون بمنطقهم الواعي والبعيد عن الأفق الضيق والمحدود أنَّ من مسؤوليتهم بناء الإنسان الحرّ العزيز الَّذي يرفض الذلّ والهوان، ويحفظ الوطن، ويحمي هذه الأرض... أن يبقوها حرة من خلال تعزيز جيشها ومقاومتها وحفظ كرامة إنسانها ».

وتابع: «ومن هنا نهيب بالجميع حفظ هذه الأرض، واليقظة والحذر إزاء هذا العدو الَّذي لا يُؤمَن شرّه، الذي يترصَّد الفرص ليثأر لهزيمته.. وهو الذي لا يتوانى عن تأكيد أطماعه بسلب لبنان مساحة واسعة من حقوقه في مياهه، وما تحويه من ثروات، أو من حقوقه في أرضه..».

ودعا سماحته إلى معالجة جذريَّة وحقيقيَّة للوضع الاقتصاديّ والماليّ الَّذي يعرف الجميع أنّه بات على شفير الانهيار، والخروج من العبث الذي يعانيه الواقع السياسيّ، والذي لا زلنا نتوجَّس من أن يتحول إلى فتنة تضعف قوة هذا البلد ووحدته، وتطيح بكلِّ الإنجازات التي تحقَّقت.

وأكدَّ ضرورة أن يبقى الخطاب العقلاني الوطنيّ، لا الانفعالي الطائفي، هو الخطاب الَّذي يحكم البلد، والأهمّ أن نعمل بصدق على حفظ العنوان الجامع للبنانيين وصيانته وحمايته.. وهو الدّولة.. في أن تستعيد دورها ومؤسَّساتها وصلاحياتها، بدلاً من أن يتمّ تقاسمها نتفاً على طوائف وسياسيين.

وطالب القيادات والقوى السياسية في هذه المرحلة الصّعبة من تاريخ الوطن بأن ترتقي في خطابها السياسيّ، وفي أسلوب معالجاتها للمشكلات القائمة إلى أعلى المستويات الوطنيّة والأخلاقية، حفظاً للتوازنات في هذا البلد، والتي نريدها أن لا تقصي أحداً، بل أن تحفظ للجميع حقوقهم.. حقوق الطوائف، بأن لا تعمل طائفة على مصادرة حق أيّ طائفة أخرى، وبأن لا يستأثر مكوّنٌ طائفي لوحده بطائفته.. ولا بديل من اعتماد منطق التسويات في هذا النظام، بانتظار تحقيق طموح اللبنانيين الأكبر في بناء دولة الإنسان، دولة المواطنة؛ دولة تقوم على حفظ حرية وكرامة إنسانها بعيداً عن أيّ تمييز.. دولة تقوم على أساس العدالة لجميع مواطنيها، وخصوصاً الفقراء، الذين باتوا أغلبية في هذا البلد.. فالدولة التي تحمل معناها هي أحد المداخل الكبرى لخلاص لبنان من أزماته.

وأشار إلى أنَّ أكثر ما كان يؤلم سماحة السيّد أن يرى معاناة هذا البلد، ولا سيما عندما كان يرى أكثر أبناء بلدته والمنطقة والكثير من الشباب يضطرون إلى أن يغادروا وطنهم إلى بلاد الله الواسعة، ليحفظوا كراماتهم، ويحصلوا على لقمة العيش الكريمة، فيما كان المطلوب أن يعبّروا عن طاقاتهم في بلدهم الذي لا يشكو من قلة الموارد وفرص العمل، لكنَّه يشكو من كثرة الفساد والاستئثار والهدر وسوء الإدارة.

وختم سماحته كلامه بالقول: «لقد غادرنا العم السيّد، وفي قلبه غصة على إنسان هذا الوطن، تاركاً مسؤوليات كبيرة على عاتقنا جميعاً.. مسؤوليات نسأل الله أن يوفق أولاده ومحبيه، ومن تربوا على يديه، ومن اهتدوا بكلماته، أن يحملوها بجدارة وأمانة».

ثم القى رئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي كلمة عبَّر فيها عن حُزن أهالي المدينة في لبنان وبلاد الإغتراب على الفقيد الكبير ومواساتهم لآل فضل الله بهذا المصاب.

كذلك القى نجل الفقيد السيّد الفاضل موسى كلمة شكر فيها المواسيّن والمعزين، واختتم الاحتفال بمجلس عزاء حسينيّ.