الحسين سيّداً وإماماً

22/1/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد هيئة التحرير

أقام «تجمع العلماء المسلمين» في مركزه في حارة حريك، ندوة فكرية بمناسبة ذكرى عاشوراء بعنوان: «الحسين t سيّداً وإماماً» عصر يوم الثلاثاء الواقع فيه 3/10/2017م. الموافق 12 مُحرّم 1439هـ. حضرها حشد من العلماء سُنة وشيعة وعدد من الشخصيات.

أدار الندوة أمين سر مجلس الأمناء في التجمع العلاّمة الشيخ علي خازم فقال: في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تحركت النخب الثقافية لدعم مسار الإصلاح السياسي الاستقلالي والاجتماعي في تحقيق الكرامة والعزّة والعدل والمساواة، فكانت من ثمارها مؤلفات ككتاب «اليمين واليسار في الإسلام « وكتاب» أبو ذر الغفاري الاشتراكي الزاهد» وأهمها كان ما كتبه عبد الرحمن الشرقاوي «الحسين ثائراً وشهيداً».

وفي أيامنا هذه تشتدُّ الحاجة إلى مثل هذه الصور والمنارات، فمع بقاء عنوان التحرر منقوصاً ببقاء فلسطين مُغتصبة، وبقاء الظلم والفساد في حكوماتنا ودولنا، ليس لنا ومع انبعاث الجماعات التي عبثت بالدين وجعلته غُلُوّاً في الاعتقاد وفي العمل وتسويقاً للحكام الظَلَمة الفَسَقة والفَجَرة ليس لنا إلا الاهتداء بمصباح الهدى والالتجاء إلى سفينة النجاة. ومن مثل الإمام الحسين بن علي o لمثل هذا المقام؟

وألقى الشيخ إبراهيم بريدي قصيدة من وحي عاشوراء «طالعتك قبل قليل» في هذه المجلة.

ثم حاضر المدير العام السابق للأوقاف الإسلامية العلاّمة الشيخ هشام خليفة بعنوان:« الحسين t سبط النبيّ w وأحد سيدي شباب أهل الجنة» وجاء في محاضرته:

أيها الأخوة الكرام، لا يستطيع العاقل المنصف إلا أن يتلمس الحكمة والغاية من تلازم شخص الإمام الحسين مع هذه الواقعة؛ واقعة كربلاء ويوم عاشوراء. لأن من كان بمقام الإمام الحسين ومن كان بمكانة الإمام الحسين، ومن كان يملك عقلاً كعقله وقلباً كقلبه وحكمةً كحكمته لا بُدَّ وأن يكون له غاية مهمة وهدفٌ عظيمٌ وحكمةٌ بالغةٌ لما قام به وفعله في عاشوراء وكربلاء. لذلك ونحن نقرأ ونستلهم العبر من ذكرى كربلاء لن يستقيم الأمر، هنا جئنا لقضية الإمام الحسين سيّداً وإماماً. فقد كان الإمام الحسين كاملاً في أوصافه، راقياً في مقاماته، سامياً في قيمه، مدركاً لتصرفاته، وكيف لا يكون كذلك وهو بضعة من الكلِّ الكامل، قال جدّه رسول الله w: «حسين مني وأنا من حسين». وتابع قائلاً: «أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً»، فكان الحسين بذلك جالباً لمحبة الله لمن أَحبَّه، فهنا تجلت وحدة الأصل والفرع والجزء مع الكلِّ التي أثمرت محبةً إلهية لكل من ينظر ويرى الحسين كما ينظر ويرى إلى جدّه رسول الله w، ولكل من يرعى حُرمة الحسين كما يرعى حُرمة جدّه صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

إننا نحن المسلمين، اليوم وخاصة في لبنان، بأمس الحاجة إلى إرادة الوحدة والإصلاح التي عمل من أجلها وضحى في سبيلها الإمام الحسين، وأن نستشعر جميعاً البُعد الإيماني لحركته، ونستلهم من هذه الحركة العظيمة مناهضته للظلم، وأن نعمل على مدِّ جسور التعاون والتآخي والتآلف في ما بيننا جميعاً، رافضين أيضاً كل أشكال ضرب الصف الإسلامي باسم الإرهاب والتطرف والعصبية والتعصب والتفجير والفئوية والتكفير، ولنجعل من استشهاده وتضحياته دافعاً نحو الوجهة الصحيحة للجهاد وهو في مواجهة العدو الصهيوني وكل من يعمل في خدمته فيثير الكره والبغضاء بين المسلمين.

وأخيراً، مُستحضراً شخصيتك يا سيدي ومولاي الإمام الحسين أقول لك، طبت حيّاً وشهيداً، وزكى كيانك دنيا وآخرة. إننا وإن أحزننا ما أصابك، إلا أننا نفرح ويحقُّ لنا أن نفرح باستشهادك، وبانتسابنا إلى محبتك، فقد ألهمتنا معاني التضحية والصبر، وفهمّتنا دروس الجهاد والعزّة ولنا فيك الأسوة والقدوة، عليك يا سيدي من الله وملائكته ورسله ومنا أزكى تحية ومحبة وسلام.

وقدم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلاّمة القاضي الشيخ علي الخطيب محاضرته بعنوان:« إمامة الحسين(عليه السّلام) ومعيارية الحكم» ومما جاء فيها:

مما حببَّ إليَّ الحضور في هذا المجلس المبارك هو هذا العنوان «تجمع العلماء المسلمين» الذي يوحي عنوانه بالوحدة بين علماء فريقي السُنَّة والشيعة، اللذين يشكلان جناحي هذه الأُمة ويتحملان، وخصوصاً في الظروف الحالية، مسؤولية كبرى في مواجهة مؤامرات كبرى على العالم العربي وعلى العالم الإسلامي يُستخدم فيه اسم التشيّع والتسنّن للوصول إلى أهداف خطيرة ولئيمة عبر هذه المذهبية البغيضة واللئيمة التي تتنافى مع رسالتنا رسالة الإسلام ومع ديننا ومع قيمنا، وإن كان تاريخنا فيه الكثير من الشواذات والأخطاء التي يجب علينا نحن الآن أن نتجاوزها بالعقل والوعي، فإن الخطر كبير والمسؤولية على قدر هذه الأخطار التي تتهدد هذه الأمة.

من هذه الخلفية، ونحن في عاشوراء، التي حاول البعض من خلالها أيضاً استخدامها لغير أهدافها من الفريقين، من بعض المنتقدين ومن بعض الذين يحيِون هذه المناسبة، لأسباب لا أُريد أن أدخل في قلوب الناس ولكن في النتيجة وفي الصورة أن المقصود أو أن النتيجة هي زيادة التشرذم وإحياء المذهبية والعصبية في هذا الظرف بالذات الذي تمرُّ فيه أُمتنا العربية والإسلامية بأخطر مرحلة مرت بها.

وهذه ندوة من الندوات المهمة، بارك الله بـ«تجمع العلماء المسلمين« الذين يوجهون الأمور ويضعون النقاط على الحروف ويهتمون بهذه المواضيع، بهذه القضايا، أن نوَّجه الأمور باتجاهها الصحيح وأن نواجه هذه الفئات التي لا تعمل لصالح الشيعة ولا لصالح السٌنة. نحن أُمّْة واحدة، الأخطار واحدة، الأخطار على العقيدة، الأخطار على المصالح، على وحدتنا، السٌنة من دون الشيعة اجتماع ناقص، الشيعة من دون السُنة يعني كأمة تطير بجناح واحد. أنا أقول أن أمام هذه الأخطار التي تتهددنا، فلسطين ضاعت، المشاريع الوحدوية انتهت إلى الفشل، المشاريع الفئوية انتهت إلى الخسران، وصلنا إلى أنَّ الذي أصبح في يد الإسرائيليين أكثر من فلسطين، والشعب الفلسطيني زادت فوقه شعوب أخرى من عالمنا العربي في النزوح، وحتى انظمتنا في هذه الدول (الله يصلحهم ويصلحنا ويصلح شعوبنا جميعاً) فشلوا أيضاً حتى في الحفاظ على الوحدة الوطنية.

أنا أطلقت نداء في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في يوم العاشر من شهر مُحرّم على وجوب التركيز لإيجاد مشروع نهضوي وحدوي حضاري نخاطب به أنفسنا ونخاطب به العالم، أمام هذا الخطاب وهذه الصورة البشعة التي شوّهت الإسلام وشوّهتنا وهي النتيجة حيث ارتاحت إسرائيل من كل الحروب التي خضناها نحن على أنفسنا بدل الإرهاب.

وفي ختام الندوة قدّم رئيس مجلس الأمناء القاضي الشيخ أحمد الزين ورئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله دروعاً تكريمية للمشاركين.