عاشوراء بأبعادها الإنسانيّة والرساليّة للعلاّمة السيّد عليّ فضل الله

22/1/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

إعداد الأستاذ محمد عبد الوهاب عمرو

 

 

 

رأى العلاّمة السيّد علي فضل الله أنَّ مشكلتنا في هذا الشرق أننا نثير نقاط الاختلاف في ما بيننا ونتناسى المشتركات، داعياً إلى العمل لتقديم عاشوراء بأبعادها الإنسانية والرسالية. جاء ذلك في محاضرة في قرية زيتون ـ فتوح كسروان، في حسينية عيسى بن مريم o، بحضور حشد من أبناء البلدة والمنطقة غروب يوم الأربعاء الواقع فيه 27/9/2017م. الموافق لليلة السابع من شهر مُحرّم 1439هـ.

 

بعد كلمة ترحيبية من إمام البلدة الشيخ محمد حيدر، أشاد فيها بالدور الكبير لهذا البيت الإسلامي الإنساني والرسالي المتمثل بالمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله (قده)، ونجله العلاّمة السيد علي فضل الله، ألقى سماحة العلاّمة فضل الله كلمة شدد في بدايتها على أننا عندما نعيش عاشوراء، ونستعيد كلّ هذا التاريخ المخضب بالدماء والجراحات والبطولة والعنفوان، لا بدّ من أن نقدم عاشوراء بكلّ أبعادها، لا أن نحبسها في المأساة والمعاناة، بل لا بدَّ من أن نعيشها بكلِّ هذه القوة التي عاشها الحسين وأهل بيته وأصحابه، لأنّنا غالباً ما نستهلك هذه السيرة في الجانب المأساوي ونطبع شخصياتها بالضّعف والهزيمة.

 

وتطرق سماحته إلى الأهداف والمنطلقات الإسلامية والإنسانية التي من أجلها انطلق الإمام الحسين في ثورته، مُشيراً إلى أنّه وارث لخط الأنبياء والرسل جميعاً، مؤكداً الوحدة الروحية والأخلاقية التي تلتقي عليها الأديان، وإن تنوعت أساليبها وتعددت، ولكن هدفها واحد، فهي جاءت من أجل خدمة الناس وتعزيز قيم الحرية والعدالة.

 

وأكَّد أنَّ الله يريد للإنسان أن يكون حُرّْاً، يملك قراره بيده، لا عبداً لشهواته وأطماعه وغرائزه، ولا بُدَّ من أن نعمل على تطهير أنفسنا من الخضوع لأية عبودية، سواء كانت شخصية أو لجهة دولية أو إقليمية.

 

ولفت إلى ضرورة أن يكون الله مرجعنا جميعاً، لأننا نتوحَّد ونلتقي عليه، مشدّداً على ضرورة أن نحرص على العدالة في واقعنا، لأنه لا يمكن أن نكون مُنتمين إلى مسيرة الأنبياء والرسل وعبق الرسالات السماوية ونعيش الظلم، فالعدالة لا تتجزأ، وهؤلاء الّذين يعملون على تطييفها أو مذهبتها يسيئون إلى القيم وإلى مصالح الوطن، مُجدداً الدّعوة إلى أن يطالب المسلمون بحقوقهم وحقوق الآخرين، كذلك المسيحيون، الأمر الذي يسمح بأن نبني وطن العدالة والقيم والأخلاق والمستقبل.

 

ورأى سماحته أنَّ مشكلتنا في هذا الشَّرق تكمن في أننا نفتّش دائماً عن مواقع الاختلاف والخلاف، وننسى كلّ المشتركات، ونخلق الحواجز النفسيّة بين بعضنا بعضاً، ما يسهّل على القوى الخارجية تقسيم شعوبنا وأوطاننا، والذي بدأت بوادره بالظهور.

 

وختم سماحته مشيداً بقرية زيتون؛ هذه القرية الكسروانية الّتي تمثل نموذجاً في التعايش والانفتاح ومدّ الجسور، وهي خير دليل على قدرة هذه الأديان والرسالات على التّعايش مع بعضها بعضاً، وعلى فشل كلّ مشاريع التقسيم التي تستهدف هذا البلد.

 

وفي محاضرة عاشورائيّة أخرى في مسجد الإمام عليّ بن أبي طالب t، جبيل مساء يوم الجمعة الواقع فيه 29/9/2017م. الموافق لليلة السبت التاسع من شهر مُحرّم 1439هـ. حضرها حشد من أبناء المدينة يتقدّمهم إمام المسجد القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو والنائب الحاج عبّاس هاشم وفضيلة الشيخ محمود حيدر أحمد والدكتور حسن حيدر وغيرهم من الأعيان، دعا العلامة السيد فضل الله الى الإهتمام بالمثل العليا والقيم الأخلاقيّة التي تركها لنا أئمة العترة الطاهرة i، داعياً للإهتمام بها في دراساتنا وفي أعمالنا، شارحاً ومُستدركاً على القول المشهور «كُلَّ يوم عاشوراء وكُلَّ أرضٍ كربلاء» لإنّ المطلوب الإهتمام بجميع تراث الأئمة الاثني عشر i، دون إستثناء وما تركوه لنا من تُراث حضاري وفكري وأخلاقي في شتى الحقول. مُشيداً بمدينة جبيل وأهلها الّذين يمثلون النموذج الطيب في التعايش والإنفتاح ومدِّ الجسور.

 

وَخُتِم الإحتفال بمجلس عزاء حسينيّ للقارئ الخطيب الشيخ جعفر عسّاف ومن ثُمَّ بالدعوة للعشاء عن روح الإمام الحسين t برعاية العلاّمة السيّد فضل الله.