لقاء مع الشاعر والأديب والمؤرخ الدكتور عبد الحافظ شمص

25/11/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد رئيس التحرير

مستشار التحرير في مجلة «إطلالة جُبيليّة»  الدكتور عبد الحافظ شمص  مضى عليه أكثر من ستين عاماً  في خدمة الأدب العربيّ  واللغة العربيّة بالفصحى والعاميّة  والفن والموسيقى، كان لهيئة التحرير معه هذا اللقاء

بطاقة تعريف

الدكتور عبد الحافظ شمص، من مواليد بيروت ١٩٤٠ م. من الهرمل، ومقيم في الغبيري ـ قضاء بعبدا.

الإختصاص: أدب عربي وتاريخ.

عضو في «اتحاد الكتّاب اللبنانيين»، وفي «اتحاد الأدباء والكتّاب العرب»، وفي «ديوان أهل القلم»، وفي «الحركة الثقافيّة»، وفي «منتدى الضاحيّة الثقافي»، وفي جمعيّة «بقاع الغد الثقافيّة»، وفي «نقابة الفنّانين المحترفين»، وفي «جمعية المؤلفين والملّحنين في باريس» كمؤلف وملحّن، عضو شرف في «نقابة شعراء الزجل»، وفي «منتدى أهل الحرف الثقافيّ»، وفي «منتدى جوبيتر الثقافيّ»، وفي «حلقة الحوار»، وعضو مجلس الأمناء في «دوحة البقاع الثقافيّة».

شاعر و «أديب واعلاميّ» له عناوين وبرامج إذاعيّة عديدة في «إذاعة لبنان» الرسميّة، وله أكثر من أربعمائة نصّ غنائي مُسجل في جمعية المؤلفين والملحنين، غَنَّت له المطربة العالميّة داليدا أُغنية «لبنان» قبل رحيلها إلى باريس وهي تذاع في لبنان وفي العالم.

أنهى خدمته في المجلس النيابي لمدّة تسعة وثلاثين عاماً رئيساً لمصلحة شؤون المحاضر في المكتب الإستشاريّ.

مستشار التحرير في مجلة «إطلالة جُبيليّة» الدكتور عبد الحافظ شمص مضى عليه أكثر من ستين عاماً في خدمة الأدب العربيّ واللغة العربيّة والحضارة الإسلاميّة كان اللقاء التالي معه:

بطاقة شخصيّة:

عبد الحافظ بن محمود بن حسين بن مشرف شمص، والدته الشيخة مريم علي مطر مدّرسة دين.

الزوجة: آمال عبد الحسن حشوش

الأولاد: هاديا: إجازة في الأدب الإنكليزي من الجامعة اللبنانيّة مقيمة في باريس مع زوجها السيّد علي مرتضى وأولادها، وهي تدّرس مادتيّ الدين والفقه هناك.

دانيا: إجازة في الأدب الإنكليزي من الجامعة اللبنانيّة زوجة السفير الأستاذ علي ضاهر.

هادي وداني: مهندسا معلوماتيّة.

واكب العاصمة اللبنانيّة في زمن تفتّحها الربيعيّ، متحسّساً في فتوّته نسائم الإستقلال ومتلمّساً في آن، براعم النّضج العربيّ وتلاوين التحرّر من الإستعمار ومن التبعيّة، إلى واحات الحريّة والأمان.

حفظ القرآن الكريم وهو في الخامسة من عمره على يد المرحومة والدته التي كانت تدّرس القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربيّة.

ثُمّ تابع كلامه قائلاً:

دراستي الأولى كانت في العام ١٩٤٦م. في مدرسة الشياح الرسميّة حتى العام ١٩٥٦م. بدأت مرحلة التعليم في مدرسة «العلم والعرفان» التي أسسها المرحوم عبد الهادي الخليل الذي كان ناظراً في مدرسة الشياح ذاتها بعد تقاعده من الوظيفة... وفي غيرها من المدارس والثانويات في الضاحيّة الجنوبيّة وفي بيروت ولمدّة سبع سنوات. دخلت بعد ذلك إلى المجلس النيابيّ برتبة كاتب في العام ١٩٦٥م. ميلاديّة في عهد رئاسة المغفور له الرئيس صبري بك حمادة...

وفي مراحل رئاسة المرحوم الرئيس كامل بك الأسعد، تدرّجت خلالها بحيث كان كريماً جدّا ومحبّاً جدّاً للعلم وللثقافة وللمثقفين فأعطاني بعض ما استحقّه من درجات استثنائيّة، وفي أوائل السّبعينيات أصدر مطبوعة هي «الرابطة الشرقيّة» كنتُ في عداد محرّريها والمشرف على اصدارها في مواعيدها ولمدة خمس سنوات، مررنا خلالها بظروف الحرب ودخول العدوّ إلى لبنان والتهجير القسريّ.

وفي العام ١٩٨٤ م. جرت إنتخابات رئاسة المجلس النيابيّ فاز فيها الرئيس السيّد حسين الحسينيّ الذي استمرت رئاسته ثمانيّة أعوام. وفي عهده رُقِّيت إلى رتبة رئيس دائرة ومن ثُمّ إلى رئيس مصلحة في المكتب الإستشاريّ، في عهد رئاسته استعاد المجلس نشاطه وقيمته، وفي العام ١٩٩٢ أصبح الرئيس نبيه برّي رئيساً للمجلس وما يزال.

تقاعدت من العمل في العام ٢٠٠٤م. وأنا ولله الحمد بكامل قواي. توفّرت للعمل الأدبيّ والصحفيّ وكتابة البرامج الإذاعيّة.

وكنت وأنا في السّابعة عشرة اشترك بتحرير مجلة «الاثنين المصوّرة» ومن ثُمّ في جريدة «الشعب» وفي غيرهما من الصحف والمجلات وحتى اليوم حيث استقرَّ بنا المقام في «إطلالة جُبيليّة» بعد مجلة «الأمن» وجريدة «الأنوار» التي توّقفت عن الصدور..

ونحن اليوم سُعداء جداً بالتعامل الإيجابي مع صاحبها ورئيس تحريرها سماحة العلاّمة القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمّد عَمرو حفظه الله مع المسؤولة عن الإخراج فيها والتحرير أيضاً الحاجة سلوى أحمد شمص عَمرو ومجموعة كريمة من كبار الأساتذة منهم: الدكتور عصام العيتاوي والبروفيسور عاطف عوّاد، والدكتور وفيق علاّم والمحامي حسن برّو ومدير التحرير المسؤول فضيلة الدكتور الشيخ أحمد محمّد قيس وغيرهم من الأخوة الكرام.

مع المؤلفات والمصنّفات:

وفي بداية العام ١٩٧٦م. أصدرت ديوان شعر بالعاميّة بعنوان «سلامتك يـ لبنان» وفي ١٩٨٢ ديوان شعر بالعاميّة بعنوان « تغرّب زمان الحبّ» قدّم له الشاعر سعيد عقل وقصائد هذين الديوانين كانت تذاع بصوتي عبر برنامج «شويّة شعر» من «إذاعة لبنان» ولمدّة خمسة عشر عاماً. ثُمّ «القضيّة» مقالات سياسيّة ودراسات تأريخيّة في العام ١٩٨٩ م... و «العروض أحكامه وأوزانُه» في العام ١٩٩١ م. و«درائر الأقوال في الحكم والأمثال» ١٩٩٤ م. و «أخبار النساء بين الغدر والوفاء» وفي ٢٠٠١ ديوان «خمسون عاماً من العشق» وديوان «حافظيّات» ٢٠٠٨ م. وديوان «ويبقى الشعر» و «عبد الحافظ شمص بأقلام محبيّه» و «وجهها القصيدة سالي» و «... في مهب الريح» و«عروش الصَّمت» و «ستون عاماً من الشعر» و «لبنان إلى أين» وكتاب «تاريخ المعيصرة بين الماضي والحاضر وعشيرة آل عَمرو الوائليّة» وديوان «زمن الإنتصار».

واليوم بصدد إصدار «العلم والعلماء» و «أدب اللغة» و «أضواء في كلمات» و «تاريخ بلاد بعلبك الهرمل وعشائرها وعائلاتها...».

وجودنا في لبنان:

نحن من الأوائل الّذين وَفدوا إلى هذه البلاد، وقد اتخذنا من منطقة كسروان وجبيل مسكناً. وكان ذلك في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، أيام العسّافيين التركمان، حيث بتنا على تماس تام مع السكان، نتعاون على الإصلاح وعلى الإنماء إلى أن تسلّم أحد كبار العشيرة مقاليد الحكم في طول البلاد وعرضها وهو الشيخ اسماعيل حمادة..

وقد سبق أن ذكرت بمقالات عديدة وعناوين كثيرة عن وصول العشائر الحماديّة المذحجيّة (من مذحج المذحجي) اليمني، من مدينة بخارى في بلاد فارس، ايران.

وعن تفرّعاتها وامتداداتها في لبنان وفي أكثر من بلدٍ عربيّ، وهم: حمادة، شمص ، جعفر، علّوه، ناصر الدين، دندش، نون، علاّم، كركبا، أمهز، علاء الدين وخير الدين وغيرهم.. وكما هو معلوم أنّ العشيرة، هي مجموعة تنتسب إلى جَدٍّ واحد ترتبط ببعضها بعضاً برباط مُقدّس، وقد تفرّع من هذه العشائر عائلات كثيرة تنتشر في كلّ لبنان.

لقد سخّرتُ وجودي، برمّته، لعيش الوطن وممارسة الوطنيّة، فاعليّة إخلاص وإشراقة عطاء ونذر حياة ورسالة عُمْرٍ ووفاء.

منذ بدايتي في مسارات الحياة، وقعتُ في أَسْر الكلمة وتفاعلتُ مع الواقع المعرفي الذي وجدتُ نفسي أعيشُ في مظاهره وبواطنه وساهمتُ في تكوين عالمي وبناء شخصيّتي الأدبيّة والشعريّة والصحفيّة والفنيّة والتاريخيّة والإعلاميّة في مجتمعيّ، وهذا نابع من الحبّ والشغف بالكتابة التي أسَّستْ كياني وغيَّرت مجرى حياتي وحقَّقت الكثير من أحلامي وآمانيَّ.

والشعر هو الحبُّ، الأمل، الفراق، اللقاء، السعادة، وهو الحياة بكلّ ما فيها، تتنوّع فيه أساليب الكلام بما يتناغم ومقتضى الحال... وهو حركة تلقائيّة، وتلقائيّة حركته نتيجة الانصهار الذاتي المتدفّق، يُولدُ من العين وهو ابن النّور والعلامة الفلسفيّة بين الله والعالم...

أَنا أعشق الحريّة التي قدّسها القانون.

والليل، يعني الصّفاء والهدوء، الحلم، النّسيم العليل في ريفنا الحبيب الذي لم يدخله التلوّث البيئي والفكريّ الذي هو مُنطلق الشعراء الّذين يرون في صفاء السّماء ونجومه وأقماره التي لا حصر لها، هناءهم وحياتهم التي منها العطاء الذي يشغل عقول العلماء والفلاسفة ويحرّك أحاسيسهم ومشاعرهم، وهو الملاذ الأهم لمن يحبّ التفكّر في خلق السموات والأرض ، وفيه تولد العبقريّة...

ودور الشاعر كبير جداً، فهو، ومهما كان ترتيبه، يجهد لكي يرتقي بشعره وبعطائه لتحقيق ذاته ولنشر العلم والوعي بين النّاس جميعاً. والنّاس بحاجة ماسّة إلى الشعر لأنّه حاجة كيان.. والدَّور الذي يمكن للشعر أن يُؤدِّيَهُ هو الإيحاء بالثبات والقوّة والتّغيير، والشاعر هو مرآة عصره... ولكلّ قصيدة نكهتها، تتجاوز الخطى والمدارك..

تقول الصديقة الكريمة الشاعرة والأديبة الدكتورة سلوى الخليل الأمين، رئيسة «ندوة الإبداع»، و«ديوان أهل القلم» في توقيع ديوان شعري لي في قصر الأونيسكو، بكلمة جاء فيها:

روعة هي الستّون، حين تلتحف زَمَناً تدّثر بيراعك وبتاريخ عقلك الوازن، فكان الشعر معك نبراس طريق شروق خواطرك كخمائل الرّوض... ستون عاماً من الشعر صديقي الشاعر الدكتور شمص، وما ملَلْتَ يوماً ولا كلّت يُمناك ولا استراحت القصيدة وما جفّ المِداد... ستون عاماً من الشعر وأنت مِسْك وقطر الندى، تتماهى بين الحلم والحياة، تنسج من خيوط الفجر سبائك القصائد الملوّنة بألف حدث وحدث لذا كنتَ وما زلتَ، الشاعر المتمكّن من نظم القصيدة العموديّة الأصيلة، المتماهيّة مع رنين خافقيك المنبعثة ألحانها تراتيل حبّ الوطن قلتَ أنت فيه:

تاريخك الزّاهي يسوء وأنتَ من

أرقى بلاد الأرض في الآفاق

لبنانُ، حُلمك لا يليق بعصّبةٍ

سرقت ولم تشبع من الأطباق...

وللعزيز الأستاذ الدكتور وجيه فانوس. الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانييّن كلمة في توقيع ديوان، «لبنان، إلى اين؟». نتكوكب حول الزميل والصديق الشاعر والإعلامي الدكتور عبد الحافظ شمص في نتاجه الجديد، لبنان إلى أين؟.

 

فالدكتور عبد الحافظ شمص ممّن سخّروا وجودهم، برمّته لعيش الوطن وممارسة الوطنيّة فاعليّة إخلاص وإشراقة عطاء ونذر حياة ورسالة عُمر... ومَنْ منّا لا يعرف هذا الأشبهيّ المبدع، ومّنْ لم يُؤخذ بأشعاره وترانيمه وروائع إبداعاته الأدبيّة...

وللمرحوم الأديب الكبير رئيس منتدى السفراء فؤاد الترك كلمة في توقيع ديواني الشعريّ «ويبقى الشعر» في قصر الأونيسكو.

عبد الحافظ شمص، بعد سلسلة من الدواوين، عاميّة والفصيح يتكشّف لنا شاعراً مؤمناً بما يكتب من شعر، مؤمناً بالحرص على الشعر، انطلاقاً من قوله في مقدّمة كتابه: مَنْ منّا لا يتمنّى أن يكون شاعراً؟... يقول شمص:«

هناك وَحْيٌّ من الرَّحمن يُلهمني

لأكتبَ الشعر مبثوثاً من الهُدُب

سرُّ الحياة نُهىً والشعر زينتُه

يُخلّد الحبَّ في الدُّنيا إلى الأبد...

وللصراع في المنطقة نصيب في ديوانه الجديد، يذكّرنا الدكتور شمص بقصيدة عُمر أبي ريشة في مهرجان الأخطل الصغير:

إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا

أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا

خافوا على العار أن يُمحى فكان لهم

على الرّباط لدعم العار مؤتمر

على أرائكهم سبحان خالقهم

عاشوا وما شعروا، ماتوا وما قبروا...

ويقول الدكتور شمص:

وبقمّةٍ عربيّةٍ حشدوا لها

لكنّهم فشلوا وخاب المؤتمرْ

حضروا وكانوا قد بَنَوْا آمالهم

أن يدرسوا وَضْعَ العراق بمن حضر

حَمِيَ الوطيس تنافروا فتعطلّت

لغةُ التخاطب وانتفت لغة البشر!

وتساءل الشرفاء في أوطاننا

ماذا يُرادُ لشعبنا بالمختصر...

والسّادة الحكام في أقطارهم

صًمٌّ وَبُكْمُ في مآقيهم خدَر!!!.

ويطول الكلام ويعذب الإستشهاد من هذا الديوان... فالشعر فيه أضواء تتلألأ بكل جميل... والشاعر حريص على أن يعطي كلّ ضوء نكهة وكل نهكة صورة وكلّ صورةٍ ملامح ضياء... حسبُنا من عبد الحافظ شمص. أنّه دعانا إلى وليمة الشعر وإنّه الحريص على رفاه مدعوّيه فيقدّم لهم اشهى ما لديه وابلغ ما جنت يداه في كرم الشعر، وهو المؤمن أنّ الشعر باقٍ طالما الإبداع إلى خلود...

وللشاعر الرّوائي الدكتور علي الحاج حسن كلمة في حفل تكريمي للشاعر شمص في مقرّ «اتحاد الكتّاب اللبنانييّن»، يقول: الشاعر الدكتور عبد الحافظ شمص أميرُ في شعره، كبير في أدبه، سيّد من أسياد القلم، أطاعته الكلمة فسطّر من خمير بيانه معاجم من الغزل والحب والأدب والوجدانيات والتاريخ والسياسة... غاص في أعماق النفس العاشقة فنطقت حروفه بالحبّ المعطّر ببلاغة المعاني وصفاء الوجدان...

على منابره تأطرّ الحرف

واعْتلّتِ المعاني وأسرت ألباباً...

دُمْتَ يا حضرة الصديق. لعائلتك وأهلك وعشيرتك ومُحبيّك ووطنك. مُحبّاً معطاء، شاعراً وأديباً مجدّداً لتغني المكتبة اللبنانيّة والعربيّة بعشرات الكتب والمؤلفات والدراسات والمقالات التي لا بُدّ سَتُضيء طريق المؤمنين لحياةٍ فُضلى وَيضيف:

غَرّدْ، سماؤك جنّة الأكوان

واللحنُ صوت الروح في الأبدان

يا ابن الكرام فَدَتْك «مذحج» مُذ طَوَتْ

أرض العراق إلى ذرى لبنان

لبنان يشهد والحروف أَعنّة

خيّالها شَمَصٌ بكلِّ أوان

من مذحج شمُّ الحياة بواسل

أهلوك أهلي والشموخ بياني

عربُ تباهى الدهر في أمجادهم

شَهِدَ القصيُّ بفضلهم والدّاني...

وأخيراً، فالعلماء هم مصابيح الأرض وورثة الأنبياء والقدّيسين، وشخصيّة العالم لا ترقى ولا تتبلور إلاّ بالعلم والمعرفة... فالعلم نتاج العقل ومن المعلوم أنَّ الأدب يخاطب العقل، والشعر يخاطب العاطفة... والشاعر والأديب والمؤّرخ الدكتور عبد الحافظ شمص كان ولا يزال وفيّاً لمهنته من خلال رحلته المباركة مع الكلمة التي شكّلت الينبوع الحسّي المتدفّق... قلمُه جعل منه أديباً وشاعراً ومعلّماً متفوّقاً لا يُبارى، يَجْبَهُ الباطل بالصواب وينتصر للحقِّ، ويعمل له حتى يتحقّق...

امتلك الدكتور شمص ناصية الكلمة. فحملها نبراساً للهداية ولإرشاد الأجيال، بنى عالمه الفسيح وفقاً لنظرته الأدبيّة والشعريّة بحيث أنّه أصبح عالم سواه لشدّة تأثرهم به. فكان بذلك رائداً في التجديد دون أن يتنكّر لعصره ولتراثه وللنَّغم اللولبي الذي يتطلّبه هذا العلم وهذا العالم... فلسفته، غزارة نِتاجه، حيويّته وشهامته المعهودة، ووطنيّته، رسّخت جماليّة بناء القصيدة الشعريّة الكلاسيكيّة ووصلت به إلى رتبة تؤهّله لإمارة هذا الفن العظيم.

هذا البحر الّذي يُغطي مساحة دهرٍ كامل من عمر الزمن... انتقل بشعره الفوَّاح والبوّاح بالنَّوافل من المجهول إلى المعلوم كضيف يلامس أحلام اليقظة. قصائده وكتاباته تتناثر كشعيعات مُذهّبة، تنير دروب أهل العلم وعشاق الأدب والجمال.

كلمة حق...

الحقُّ في كلمة سواء... وفي البدء كان الكلمة...

شهادات حق من إخوة وزملاء أساتذة، فيها النُّبل والشهامة والصدق والصراحة، والله سبحانه وتعالى يحبّ الشهود الحق...

شهادات تنساب انسياب العبير إلى حنايا الروح تثبت عظيم محبّتهم واهتمامهم البالغ بالفكر المتقدّم والخيال المُبدع...

نخبة مختارة من حَمَلة الأقلام المشهود لهم، قارَبَتْ تجربتنا الشعريّة والأدبيّة والتّاريخيّة من نواحٍ عديدة، أضافت إلى كياني إضافات، حَرِصْتُ على نشرها وإبرازها... وهل من غير الأصدقاء والزملاء الكفوئين والمعارف والقرّاء الكرام وأهل الإختصاص. ينتظر الكاتب والشاعر والفنّان، الشهادات.

والأدباء والشعراء والكتّاب هم:

المعلّم سعيد عقل، الوزير والنائب الأستاذ عبد الرحيم مراد، أمين عام إتحاد الكتّاب اللبنانيين السابق النائب الشاعر غسّان مطر، رئيس منتدى السفراء الأديب فؤاد الترك، الشاعر جورج شكور، الأديب محمّد ماضي، الأديب جوزف مهنّا، الصحافي المرحوم فاضل سعيد عقل، الشاعر الدكتور المرحوم فوزي عطوي، الأديب المرحوم الدكتور محمد خليل الباشا، البروفيسور جرجي طربيه، الأديب المرحوم الدكتور محمد علي موسى، الشاعر والأديب المرحوم الدكتور الأمير محمد ياسر الأيوبي، الأديب البروفيسور ربيع الدبس، الشاعر هنري زغيب، الأديبة والشاعرة الدكتورة سلوى الخليل الأمين، الأديب الدكتور بديع ابو جودة، الأديب البروفيسور يوسف فرج عاد، الإعلاميّة الدكتورة ريما نجم، الشاعر الشيخ عصام العماد، الأديب والناقد الدكتور فادي اسطفان، الشاعر الروائي الدكتور علي الحاج حسن، الشاعر الدكتور طوني كرم مطر، الزميلة العزيزة الإعلاميّة نضال الأحمديّة... الأديب الإعلامي فؤاد زكريا الحركة، الإعلامي حسين سليم، الإعلاميّة الشاعرة زينب حمود، الشاعرة زينب شريم، الشاعر المرحوم زين شعيب، النقيب محمد بعلبكي، أمين عام اتحاد الكتّاب الأستاذ الدكتور وجيه فانوس، الأديب والشاعر الدكتور ميشال كعدي وغيرهم وغيرهم...

رغبت بنشر كتاب يجمع كلمات هؤلاء الكتّاب والشعراء، مشكورين وكان ذلك وللّه الحمد، فصدر الكتاب بعنوان: «عبد الحافظ شمص بأقلام مُحبيه» في العام ٢٠٠٣ م.

وأورد هنا بعض النّماذج من كلمة الأديب الكبير جوزف مهنّا:

«لله هذا الكفوف اليد... النّصوح مثل حمام، أُغلق النّسرين عليه باب كوخه واسترح. شعرُ عاميّ وفصحوي، كلاسيكي، نثر، حكميات، وطنيات، حلقات إذاعيّة، معاقل حصينة لاذّة، تُنزل فيها القلب والنُّهى قدساً وتُصلّي. وأرادها هذا الكبير العصيّ، بادئ ذي بدء، مغامرة متميّزة مع الدولة، فحط كعصافير الرّبيع على شجرة مؤسّستها الدستوريّة، وراح، بتفانٍ لافت يَسْجَعُ طروباً على أغصانه الردح نيّف على الثمانيّة والثلاثين زمّردة (هنا يقصد خدمتي في المجلس النيابيّ) طيلة ٣٨ عاماً».

ومن كلمة الدكتور ربيع الدبس:

في عالم عبد الحافظ شمص، أنت مع ستين عاماً من التجربة العشقيّة والفنيّة. تستوقفك مرتفعاتُه الشعريّة.. وَيُغنيك إصراره على ضمين خواطره وكل مشاعره المخزونة في وعيه... كأنَّ جوارحه مشغولة بالتعبير عن فواعله الدفينة... وكأنّ قلمه بَوّاح بالأسرار، بَوْحَهُ بالنّوافل.

ومن الدكتور طوني كرم:

أديب وشاعر وناقد وموسيقي وملحّن ناجح...

التزامه بالقصيدة العموديّة هو خيار حُرّة، ينبع حُرٌّ ينبع من فرادته وحرّيته كشاعر وأديب وإعلامي يمسك بكل المفاتيح.

ومن الدكتور بديع أبو جودة:

قصائد عبد الحافظ شمص حارّة كاللظى، شفّافة كشخصه، كريمة ككرمه مضمخّة بألوان ولواعج الشوق والحبّ والعشق وترانيم سماويّة وأناشيد للترتيل والصلاة.

ومن الأستاذ الدكتور

يوسف فرج عاد:

شعر الدكتور عبد الحافظ شمص ينبوع ضياء، يتدفّق طليّاً وينبعث من راحتيه ومن خلجاته عطر الياسمين ينبت طيباً في روابي الفؤاد... لم يترك باباً إلاّ وطرقه... يتمتع بالحبّ والوفاء... هو رمز من رموز الفكر العامل في لبنان.

ومن المرحوم

الشاعر والأديب الأمير الدكتور محمّد ياسر الأيوبيّ:

الأناشيد والأغنيات الجميلة تتواصل في يوميات الدكتور عبد الحافظ شمص، وهي في مجملها للوطن لأنّه في قلبه وعينيه. جنّة الدنيا وكوثرها... امتلأ حِسّاً مُرهفاً جعله يشتهي أن يفنى الشرّ ويسود السلام الأرض...نفسُه الهائمة بالحبِّ باتت تنفر من كوكب ملأته الحروب والنزاعات لكنّه بقي عاشقاً للوطن وللأرض... مدهش هذا الشاعر جمع الحكمة والمنطق والفلسفة إلى الحب والغرام والإخلاص وحُب لبنان وجيشه ومقاومته وشعبه.

إنني وبكل ثقة أُسجّل إعجابي ودهشتي وانبهاري بشعره، مُتمنياً له دوام النجاح والعمر الطويل.