مَوْسِمُ الإِحْسان

29/9/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

للشاعر الأديب الأستاذ الشيخ عباس فتوني

 

 

ظَلِّلْ نفوسَ البرايا بالنَّدَى الخَصِبِ

وافَيتَ تُنشِدُ في السَّاحاتِ أُغنيةً

الصَّومُ أُمنيَّةُ الإِيمانِ يَجمَعُنا

أَيَّانَ غُرَّتُه هَلَّتْ مُشَعشِعَةً

شَهرُ الصِّيامِ ذُنوبَ الخَلقِ يَرمُضُها

ويا لهُ رَمضانُ الرُّوحَ يُؤنسُها

يا مَعلَماً لِلتُّقَى عَمَّتْ بشائرُه

بدرُ الرِّسالةِ في عَلياكَ مُزدهرٌ

و«فَتحُ مَكَّةَ» فيهِ الشِّركُ مُنحَطِمٌ

و«لَيلةُ القَدرِ» لا تُحصَى فضائلُها

يا لَيلةً خَصَّها الرَّحمَنُ مَكرمَةً

تَحوي القداسَةَ والقُرآنُ رائدُها

مَتَى أَضاءَتْ سماءَ الكونِ أَحرُفُه

لِلْخَلقِ مدرسَةٌ، بالآيِ مُعجزَةٌ

هوَ الكتابُ رسولُ اللهِ يَرفعُه

لا صَوْمَ لِلْمَرءِ، عِنْدَ اللهِ، مُكتَمِلٌ

مَنْ صامَ عن حُرَمٍ فالخُلدُ مَسكنُه

قَدِّمْ على طَبَقِ الإِخلاصِ تَضحيةً

صامتْ جوارِحُنا عنْ كلِّ مَعصِيةٍ

يَجولُ حولَ رؤوسِ البَغيِ يَقذِفُها

تُعْزَى إِلى «حَيْدرِ الكَرَّارِ» شَفرَتُه

لَنا الشَّهادَةُ في أَعْلَى مَراتِبِها

يا مَوْسِمَ الجُودِ وَالإِحْسانِ وَالحُبَبِ(2)

أَلحانُها الحُبُّ تُحيي السَّمعَ بالطَّرَبِ

وحَسبُنا وَحدةً تَربو على الحَسَبِ

صَلَّى الأَنامُ على المُختارِ خَيرِ نبي

والنَّفْس يَمْنَحُها صَبراً على النُّوَبِ

شَهرٌ كريمٌ يَصبُّ الخَيرَ كالسُّحُبِ

نَسِيمُكَ الشَّوْقُ فَوَّاحًا تَغَلْغَلَ بِي

مِنْ يَومِ «بَدرٍ» يُناغي شُعلَةَ الشُّهُبِ

والدِّينُ مُنبَجِسٌ مِن بابِهِ الرَّحِبِ

تُنالُ بالذِّكرِ لا بالمالِ والذَّهَبِ

ساعاتُها فَخَرَتْ قَدْرًا عَلَى الحُقُبِ

نَبْعُ الهُداةِ وَنِبْراسٌ لِكُلِّ أَبِي

أَضْحَى يُضِيءُ لأَهْلِ الأَرْضِ في رَجَب

للهِ أَعْيا فُحُولَ الشِّعْرِ والأَدَبِ

هُدًى يُحَلِّقُ نُورًا في سَما الكُتُبِ

حتَّى يَصُومَ عَنِ البُهْتانِ والكَذِبِ

ما أَسهلَ الصَّومَ عنْ أَكلٍ وعنْ شُرُبِ

واطلُبْ منَ اللهِ فَتحاً تَحظَ بالطَّلَبِ

وسَيفُنا الحَقُّ صَوَّامٌ عنِ النَّصَبِ

كَأَنَّها كرةٌ تَحدوهُ للَّعبِ

«بِذِي الفَقارِ»، وَآيِ الانتصارِ، حُبِي

وما الشَّهادَةُ إِلاَّ أَشْرَفُ الرُّتَبِ

الهوامش:

(1) نُظِمَتْ هذِه القصيدة على البحر البسيط، بمناسبةِ حُلُولِ شَهْرِ رمَضانَ المُبارَك.

(2) الحُبب : جمع الحُبَّة، أَي المَحبَّة .