وجدانيات-من مشرقي الى مغربي

25/3/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ هيثم عفيف الغداف

لا بأس إنّ جفَّ الحبرُ من قلمك وفكرك يوماً وانقطعت تزرع حرفاً جديداً. فغداً تَطلُّ سنابل أقلامك تحمل في طياتها أحلامك. خذ لنفسك من نفسك عِشقاً وروحاً وأضف عليها زين الكلام. اليوم عليك من النور الاستئذان وفي الغد هي لك كلّها آذان. فالحاضر من حولك أمل وفي جوارك تمتلئ الأحزان، الشام يوشك أن يُخمد بها النيران، لكن اليمن يُذبِحُ باسم الأخوة والجوار، والأقصى مسلوبٌ بإرادة الفرسان، والقداسة من القدس تُسلب تحت أعين النّاس وتتحول إلى عالم صهيون، فانشطر الهلال وأسقطت الأجراس من عليائها، فالمشرق والمغرب ينزفان جراحاً، وبلاد النيل في وحولها تغرق، والخليج همّه كيفية الصعود والهبوط على سطح القمر، كلّ هذا والغرب فينا يستعمر، فأي قلب ذا يرى ولا يخشع وأي عين تلك لا تدمع.

تلك بالأمس، أمّا اليوم فما خلت أن يعصر فؤادي أشجان، وتورد أوردة عبق وأنين وحزن كوى الجسد وأرهق البال اذا ما رأيتُ مفتاحاً صلباً تصدَأ ولم يمت. عتباً تعاتبني جوارحي أن قم وطهّر هذا الباب!.. وأي باب؟ باب لم يبقَ منه الا مفتاح خَطَّ وشماً في القلب ونوراً للأبصار.

هذا ما رأيت من وجه أترابي وآبائي الأولين. عند حروفه تنحني همم، وصدؤه يحكي طول الفراق. هو من أرض عشقت رسلاً مَضوا قبلنا وهو لبيت أجمع البشر على حُبِّه. هو لشعب توارث الذود عن رايته، هو للفداء وللثورة، هو لكلُّ مُستضعف في الأرض.

ما من حُرٍّ في العالم الا وأَدمعَ عينيه هذا المفتاح. رمز لقضية لن تموت مهما طال بنا الزمان فهو وعد الله الذي لم يُخلفَ وعده، واذا فارق بيننا وبين العودة الحقَّ فلا بأس لأجيالنا بحبِّ حقِّ القدس علينا. القدس، الحضارة، التاريخ، الايمان، الانسان وما مضى من رسول وعالم وعابد الا عند أسوارها انتحب. هذه حبيبتي، وجهها في قلبي وفكري وأيقونتها تتوسط داري.

هي منيّ ِأنا الشرقيّ ُالمشرقيُّ وهناك تنبعث اشراقتي وأملي بنصر وضحى جديد إن شاء الله تعالى. ألا طابت الأرواح التي افتدت قدس الأقداس، ألا عاشت حناجر قلوب تنبض عِشقاً وحبَّا لها، إلا أَن حُبَّكَ عهد ما بقي في الكون ليل ونهار.