ملحق الإمام الحسين (ع): كَـرْبـــــلاء

4/1/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

شعر: د. عبد الحافظ شمص

يا دَهْرُ إنِّي دمعةٌ مِنْ كِبرياءْ

شاعت، وكانت وَصْمةً دُهرِيَّةً

فَبِأرضِ كَرْبِ الطَّفِّ تاهَ ضَمِيرُهم

يومُ الحُسين بكَرْبلاءِ عِراقنا

يومُ الحُسينِ وعِتْرةٌ عَلَوِيَّةٌ

أللهُ، يا تاريخَنا الماضِي، ألا

مَنْ كان يَحْسَبُ أَنَّ سِبْط المُجْتَبَى

مَنْ كان يحسب للإمام المُرْتَجَى

بيد اللَّئيم الشِّـمر، سَوِّدَ وَجْهَهُ

ذاك اللَّئيمُ الحاقِدُ الوَغْدُ الذي

عارٌ كما خَيْطُ السَّـواد، شِعارُه

قَدْ نَالَ مِنْ جَبَلِ الضِّـياءِ، يَقُودُه

لِيُفَرِّقَ الإسلامَ بَيْـنَ مُؤَيِّدٍ

لِيَزيدَ بين النَّاس تَفْرِقةً وقد

يَزيدُ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَمْ كافِرٌ

لا، لا، ورَبِّ البَيْتِ ليس بمؤمنٍ

إنِّي لأَسأَلُ كَيْفَ وُلِّيَ فاسِقٌ

وتَحَكَّم الشَّنآنُ في الشَّعْبِ العظيمِ

لِمْ كان في أرض العراقِ بكَرْبلا

لِمْ حطّ زيْفُ الماكرين رِحالَهُ

وَأَحَلَّ ما قد حَرَّم الدِّينُ الحَنِيفُ

أَسَفِي على سِبْطِ النَّبِيِّ وَآلِهِ

أنا سَاحَةُ الأَحزانِ تَعْبُرُني الخُطَى

أنا مُسْـلِمٌ، أُغْني حَياتي بالنُّهَـى

أنا مُسْلِمٌ بالعَقْلِ، لا أَبْغي سِوى

وَصَلاحِ أمْرِ المُسْلمين على التُّقى

فالدِّينُ يَمْلأُ خَاطري في سُنَّـةٍ

أنا مُسْلِـمٌ، أَللَّـهُ أكبَـرُ صَيْحتي

أنا مُسْلِـمٌ، شِـيِعِيَّتِـي لا تَنْتَمِي

شيعيّتي نَهْجُ الإمَامِ المُرْتَضى

تَجْري الوَقِيعَةُ في دَمي وَبِأَضْلُعِي

ويُحَرِّكُ الأشجانَ، يَفْري مُهْجَتي

أخشى من الخِذْلانِ أَوْ مِنْ فُرْقَةٍ

بَيْـنَ الأَحِبَّةِ، يا لَها مِنْ وَهْدَةٍ

ما بَيْنَ سِنِّيٍّ وَشِيْعِيٍّ مَدًى

هذا الوَريدُ لِعَيْشِـنـا، لِحَياتِنا

لِتُضِيءَ أَعْيَادُ القُلوبِ وَتَلْتَقي

إنّي انْتَمَيْتُ وَلَسْـتُ لَسْـتُ بِنادمٍ

وبِرُغمِ هاتِيكَ الفَواجِعِ، شَعْبُنا

سَيَظَلُّ في فَلَكِ الفُؤادِ حُسَـيْنُنا

سَيَظَلُّ في سَمْعِ الزَّمَانِ نِداؤنا...

فالدِّيـنُ دِينُ الحَقِّ نَهْجُ حَياتِنا

سَنَظلُّ في الإسلامِ، يَجْمَعُنا مَعاً

لِتَوحُّدِ الإسلام في آفاقنا

فَلِسانُ أَهْلِ الزَّيْفِ يَنْشُـرُ عَارَهُ

لِحِسَابِ شَرْعِ اللّـهِ، أَيْنَ المُنْتَهى

لا بَارَكَ الرَّحْمـنُ في مَنْ يَنْحَني

لا بَـاَركَ الرَّحْمـنُ بالأَمْـرِ الَّذي

ربَّ السَّمـواتِ العُلَى لكَ عُمْرُنا

وَحِّـدْ صُفُوفَ المُسْلِمينَ على التُّقى

باسْمِ الدِّيانَةِ قَدْ تَخَلْخَلَ دِينُنا

يا أيُّها الأبْطالُ هُبُّوا دَفْعَةً

وَتَقَبَّلِ اللَّهُمَ دَعْوَتَنا إلى

من لَوعةٍ تَجتاحُ أرْضي والسَّـماءْ

بِجَبين أَهْلِ الزَّيْفِ عُنوان الغَباءْ

فأثار هذا التِّيهُ كُلَّ الأَتْقياءْ...

حَكَمَ العَقيدةَ بالقَساوة والشَّـقاءْ

رَوَّت ترابَ المَجْد، أَجَّت كَرْبَلاءْ

تَدْري بما قد حَلَّ فينا من بَلاءْ؟

يُرْمَى بأرضِ الطَّفِّ مَكْشُوفَ الغِطاء؟!

أن يُقطع الرأسُ الشَّريفُ وفي العَراءْ

رَبُّ البَرِيَّة وابْتَلاهُ بالرِّياءْ

قد عَمَّمَ الشَّنآنَ فانْتَشَرَ الوَباءْ...

الإيمان بالمَلْعونِ أَغْبَى الأَغبياءْ

حِقْدٌ كما حُمَمُ الجَحِيم، بلا حَياءْ...

وَمُعارضٍ، وَيَزيدُ يَجْزِلُ بالعطاءْ

نَجَحتْ وَسَاوِسُهُ فأَسَّسَ للعِداءْ...

هَلْ يَعْرفُ الإسلامَ أبناءُ البَغاءْ؟!

والخائنُ المُرْتَدُّ، داءٌ، لا شِفاءْ

في المُسلِمِينَ، وحَلّ ذَيَّاك البَلاءْ

وزادَ في الإفسادِ حُكْمُ الأَشْقِياءْ!

سَيْلُ المآسِي والمآثِمِ والعَناءْ

في دار مَنْ بالكُفْرِ قد كَشَفَ القِباءْ ؟!

وَسمَّمتْ أحكامُهُ سُحُبَ السَّـماءْ...

وعلى نُجُومٍ زاهراتٍ من ضِياءْ...

خَرْساءَ، في شَغَفٍ تُثِيرُ الأَشقِياءْ

بكِتاب رَبِّي، بالشَّـهادة بالوفاءْ

تَوحِيدِ صَفّ المؤمنين الأَنْقياءْ

وبِناءِ صرْحٍ للمَوَدَّة والإخاءْ

تَهَبُ الحياة لِدِيننا، وَهْيَ الرَّجاءْ

وَنَبيُّنا والآلُ من أهْل الكِساءْ

إلاَّ إلى من كان للدَّاء الدَّواءْ

مَنْ كانَ لِلإسْلام أَوْفَى الأَوْفِياءْ...

وبساحة الأحزانِ أَلْتَمِسُ الشِّفاءْ

تَكْفِيرُ بعضِ المُسلِمينَ الأَبْرياءْ !!!

تَرْمِي عَقيدَتَنـا بأَوْحَال الجَفاءْ

قد تُغْرِقُ الإسلامَ في بَحْرِ الدَّهاءْ

كَوَرِيد قلبٍ، حِفْظُه حِفْظ الدِّماءْ

لا تَقْطَعُوه بِحَقِّ مَنْ رَفَعَ السَّماءْ

لحياةِ مَنْ يأتي، ولِلَّهِ القَضاءْ...

أنَّى ارتحلتُ فَرايتي نَجْمُ الفَضاءْ

سَيَظَلُّ يَبْني لِلْكرامةِ للإباءْ

دَمُهُ الشَّريفُ منارةٌ للأَقْوياءْ

أللهُ أَكْبَرُ، نِعْمةٌ هذا النِّداءْ ...

دِينُ الشَّهامةِ والشَّهادةِ والفِداءْ

نُورُ السَّموات العُلَى والأَوْلِياءْ

فَتَوَحَّدوا بالعُنْفُوان وبالرَّجاءْ

ويُثِيرُ غَيْظَ المُؤمِنينَ بِالافتراءْ

أتُرى يُرمّمُ فَجْوةَ الضَّيمِ، البُكاءْ ؟!

لِلاَّت والعُزَّى بِعَصْرِ الأَنْبياءْ

يُودي بِوَحْدتنا، وَإِنْ طالَ الجَفاء...

أَيِّدْ بنَصْرِكَ مَنْ يُؤسِّسُ لِلِّقاءْ

أَبْعِدْ عن الإسلامِ غَدْر الأَشْقِياءْ

والدِّينُ من أوصابهم حقّاً بَراءْ

لِبِناءِ تاريخٍ جديدٍ للإخاءْ

إعْلاءِ شأنِ المُؤْمِنينَ على السَّواءْ...