الحسين سراجُ التُقى

20/1/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الدكتور غازي مراد(1)

رقَّت على الورق الحروفُ ندِيَّةً

والحبرُ تاه على المِداد مُضوِّعاً

فَلِذكْر عِتْرَة آل بَيْتِ مُحمَّدٍ

***

والطِرسُ ضاق فلا اقتدارَ لشاعرٍ

لأقولَ في سِبْط الرسول مَلاحماً

ولمَنْ عَرَفْتُ مِنَ الفوارس قُدْوَةً

وأعزَّ دِيناً لم يَزَلْ أبناؤه

فلسيد الشهداء سِدرةُ مُنتهى

***

كَبُرَتْ بذي النَسَب العَلِيِّ مَكارمٌ

وتعاظمتْ فيه الشمائلُ رفعةً

هو مِنْ سَليل الفكر نهجُ بلاغةٍ

يَحْتَلُّ في صدر الرسول مَكانةً

***

هي سيرةٌّ مِنْ كربلاءَ وقصَّةٌ

هي مَسْلَمكْ مِنْ آل بيتٍ خطَّه

هي مِنْ كتاب الله جاءت دعوةً

بشهادةٍ كانت بدايةَ ثورةٍ

***

للقابضينَ على الزناد كرامةً

للمؤمنينَ ومَنْ يَذودُ بموطِنٍ

وأحالَ خوْفاً في القلوب وخَشْيَةً

فأذلَّ غَطرَسَةً وأرْعَبَ غاشِماً

***

يا سيَّدَ الشهداء ذِكْرُكَ حاضِرٌ

فرسَمْتَ درباً للعبادة واضعاً

أرسَيْتَ في الإيمان فلسفةَ التُقى

فحملْتَ مِنْ همَّ الجِيَاعِ مَشَقَّةً

***

أرَّخْتَ للأجيال سِيرةَ قائدٍ

بنقاء قلبٍ ما ضمَرْتَ عَداوةً

تَسْتَلهمْ الرَّحْمَنَ في ما تتقي

***

واشتَدَّ خَطْبٌ في النِزاع وفِتْنَةٌ

يوماً تجاسرَ مَنْ تآمر غِيْلةً

فلبِسْتَ تاجَ التضحيات مُكَلَلاً

وعزَمْتَ ألاَّ تَسْتَجيبَ لِقاتلٍ

لِيَجِيءَ ردٌ بالصدُود ومَوْقفٌ

ومضوا لماءٍ يَمْنعون شرابَه

والأمرُ ضاق فلا اجْتِنابَ لمِحْنَةٍ

***

ناديتَ زينبَ والرضِيعَ مودعاً

تَلتْفُّ مِنْ إرث الرسول ببُرْدَةٍ

وعَلوْتَ صَهوْةَ ذِي الجَنَاح مُنازلاً

تُبلي بسيفٍ ما استطعت مُجاهداً

لِيَحِيْنَ آنٌ في القضاء وتلتقي

***

أنا في الحقائق لا أضِنُّ بموْقفٍ

عن مُرِّ أرْزاءِ وحَرِّ نَوازِلٍ

فحرامُ مَوتٍ أنْ يكونَ تَظَلُّماً

والعالمُ العربيُّ يَسكُنُه الأسَى

فإلامَ تَرتعُ في النوائب أمَّةٌ

وعلامَ نَحْسَبُه الربيع وأمَّتي

وبأنَّ لوْناً في الشقائق أحمراً

وأكادُ أبصرُ في الربيع نِهايةً

فالعينُ إنْ رأت السَّرابَ مُجَسَّماً

***

يا سيدي إنَّا بصبرِكَ نَقْتدي

نحْياكَ في زمن الشدائد مُرْشِداً

ما زالَ سيْفُكَ في الجنوب مُجليِّاً

بيَمينِ أشبالٍ وأذرُع فِتيْةٍْ

 

وتعطَّرَتْ فيها السطورُ خُزامى

عبقَ اليراعِ، مُروِّجاً أنساما

طِيْبٌ يفوح ويُنعش الأقلاما

***

بقصيدةٍ يُرضي الوليَ ذِماما

وأفيضَ شعراً بالرَضِيِّ هُياما

أغنَى بتاريخٍ لنا أياما

في كل يومٍ يُرْسِلون سلاما

تَعلو وتَشمخُ قِيمةً ومقاما

***

وغدتْ تُجاورُ أنْجمُاً وغمَاما

وعليه زهْدُ الخاشعين ترامى

وكتابُ علمٍ أكْرَمَ الإِسلاما

وعظيمَ قَدْرِ مَحبةٍ وغراما

***

صارتْ سِراجاً للتُقى، إلهاما

دِيْنٌ يُحققُ للورى أحلاما

تمحو الظلام، تُبدِّدُ الأعْتاما

للرافضينَ مَهانةً وظّلاما

***

للحاضنين مِنَ التراب قَتاما

وأزاحَ مِنْ أرض الأُباة لِئاما

وأصارَ لوْناً في الوجُوه رُغاما

وأقامَ أمناً واستعادَ وئاما

***

في كل فِكْرٍ يَسْتنِير نِظاما

نهجاً يُطَبِقُ للنُهى أحكاما

وإليكَ جاءت تَحْمِلُ الآلاما

ومِنَ العِطاش الظامِئينَ صِياما

***

كان المِثالَ، وما عرّفْتُ هُماما

أو شِئتَ يوماً أنْ تعِيْشَ خِصاما

وتَصُوْنَ مِنْ هدْر الدِماء أناما

***

كانت بلاءً مُوْحِشاً وغَراما

لِيُصِيْبَ مِنْ بيت الرسول كِراما

بالمَجْد تبلغُ ما ابتغَيْتَ مَراما

وأتَيْتَ تَعْرِضُ بالحِوار سلاما

يأبى الحديثَ تَفَاهُماً وكلاما

وأتوا بنارٍ يُحرقون خِياما

كانت بأسوأِ ما يكونُ لِزاما

***

وحَزَمْتَ أمراً واختمرْتَ لِثاما

لِتُجيْبَ ما قال الأمينُ مناما

وخرجْتَ تَمْتشِقُ السلاح حُساما

تُرْدي وتُسْقِطُ هامةً وقَواما

وجْه الحبيب محمدٍ وإماما

***

وحلالُ قَوْلٍ أنْ أقولَ حراما

ولَهيب حربٍ فَرَّق الأقواما

وحرامُ عَيْشٍ أنْ يدومَ زؤاما

مِنْ جُرْح أقطارٍ يَسِيْلُ حِماما

وإلامَ تَغرقُ في الشقاء إلاما

تَلقى الربيع مُزهِّراً أوراما

كان الدِماءَ صِباغةً وعَلاما

وخريفَ شَعْبِ مُثْقلٍ وخِتاما

ترَ في الحقيقة ما رأتْ أوهاما

***

ونسيرُ دربَكَ في المدى اسْتِلهْاما

نحْوبكَ المَسيرةُ تستمرُّ دواما

يلوي الرقابَ مُقطِعَاً قسَّاما

زرعوا البطولةَ في الرُبى أعْلاما

 

 

الهوامش:

(1) القاها سعادة الدكتور من على منبر قاعة الإمام السيّد موسى الصدر في كفرسالا ـ عمشيت، مساء يوم السبت الواقع فيه 25/11/2016م. بمناسبة ذكرى أربعين الإمام الحسين t.