الشيخان سلمان وجعفر الخليل في خدمة القرآن الكريم

20/04/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد: المدير المسؤول الدكتور الشيخ أحمد محمد قيس

علمان من أعلام الغبيري ـ الشياح أمضيا أربعاً وخمسين سنة من عمرهما في خدمة القرآن الكريم في مسجد الإمام الحسين بن عليِّo، في الشياح تدريساً وتحفيظاً، وكان لهما إطلالات كثيرة في قراءة القرآن الكريم ورفع الأذان فوق منابر ومآذن المسلمين من سُنَّة وشيعة في بيروت وسائر المحافظات اللبنانيّة.

وكذلك كان لهما الدور الكبير في خدمة المعتمرين والحجاج إلى الحرمين الشريفين. وخدمة الزوار إلى العتبات المقدّسة في العراق وإيران وطلبة العلوم الدينيّة من اللبنانيين في النّجف الأشرف لأكثر من أربعين سنة.

وكذلك كان لهما دور إجتماعي آخر في خدمة موتى المؤمنين في روضة الشهيدين وفي النّجف الأشرف وفي التواصل ما بين بعض العلماء اللبنانيين وبين النّجف الأشرف في أصعب الظروف التي مرّت على العراق ولبنان.

آل الخليل في جبل عامل والشياح

جاء عن تاريخ هذه الأسرة الكريمة للأستاذ أحمد أبو سعد:[«الخليل إسم أُسرة من الأسر الإسلاميّة الشيعيّة في صور وشحور، وهذه الأسرة يقول النّسابون: إنّها وآل الزين من سلالة واحدة جدهما الزين الأكبر أحد قواد صلاح الدين الأيوبي، وكانت إقامته في قلعة تبنين التي كان حاكماً لها، وهم ينتسبون إلى الأوس والخزرج (راجع الزين) ولهم فرع في الغبيري هاجر إليها في عهد ابراهيم باشا، وأَشهر من برز منهم في صور الحاج عبدالله يحيى الخليل أوّل من شكل حكومة صور ورفع العلم السوري عليها في عهد الأمير فيصل. والحاج إسماعيل الخليل رئيس بلدية صور في عهد حكومة فيصل العربيّة المتوفى سنة 1936م. والنائب والوزير السابق كاظم الخليل، وأخواه الدكتور سعدالله الخليل صاحب مستشفى الخليل في صيدا، وعبد الرحمن الخليل رئيس بلدية صور في منتصف هذا القرن، ونسيبهما وزير المغتربين النائب الدكتور علي الخليل، ومن مشاهيرها في الغبيري عبد الكريم قاسم الخليل أحد الشهداء الذين أعدمهم جمال باشا سنة 1916م. وممن اشتهر منهم في شحور نقيب الناشرين السابق يحيى الخليل وأخوه كاظم صاحبا دار الحياة للنشر، والقاضي يوسف الخليل، الطبيب نعمة الله الخليل والدكتور أحمد علي الخليل»](1).

ويضاف إلى ما تقدّم من أعلام آل الخليل في الغبيري الحاج علي مهدي الخليل ونجليه الشيخ سلمان والشيخ جعفر ـ الدكتور قاسم الخليل وكان من زعماء وأعيان الضاحية والعلاّمة الشهيد الشيخ طالب مالك الخليل والدكتور علي الخليل، والأستاذ يوسف سليم الخليل، وكاتب عدل برج البراجنة الأستاذ خضر الخليل.

وقد هاجر جدهم الكبير مهدي محمد الخليل وشقيقه حسن إلى منطقة الشياح ـ الغبيري من بلدة شحور في قضاء صور أيام ابراهيم باشا المصري في مطلع القرن التاسع عشر مع أبناء عمهم من آل الزين واستوطنوا منطقة الغبيري ـ الشياح الواقعة جنوب مدينة بيروت.

بطاقة شخصيّة:

التوأم: الشيخ سلمان والشيخ جعفر ولادة الشياح في الثاني من شهر شباط 1932م.

الأب: الحاج علي بن مهدي بن محمد آل الخليل.

الأم: الحاجة فاطمة علي عبدالله الخليل.

الأشقاء: المرحوم الحاج حسين(أبو حمزة)، المرحوم الحاج حسن، المرحوم الحاج مهدي(أبو خليل)، المرحوم الحاج محمد علي، الدكتور أحمد(أبو علي)، المرحوم الحاج ابراهيم(أبو منذر)، الحاج يوسف(أبو مروان).

الشقيقات: الحاجة ديبة(أم يوسف) متزوجة من السيد حسين أمين السيد، المرحومة الحاجة رئيفة ارملة المرحوم هاشم عبدالله الخليل.

الشيخ سلمان وأولاده:

زوجته: الحاجة فوزية عبدالله الخليل وقد رزقه الله تعالى منها:

الحاج علي متزوج من الحاجة رنا وهبي.

الحاج بلال(أبو محمد) متزوج من الحاجة سلمى الخليل. ومن الحاجة منى سعد الدين بيضون وله منها ولد إسمه علي.

الحاج طه(أبو محمد) متزوج من الحاجة لينا الشعار.

الحاج حسين(أبو زين) متزوج من الحاجة رباب رميتي.

الحاج هادي(أبو سليمان) متزوج من الحاجة فاطمة اسماعيل.

الحاجة فاطمة(ام مرتضى) متزوجة من الشيخ محمد جعفر الخليل.

الحاجة زينب(أم حسن) زوجة الحاج عيسى عطوي.

الحاج عبدالله(أبو مصطفى) متزوج من الحاجة نسرين شعيثاني.

الشيخ جعفر وأولاده:

زوجته المرحومة الحاجة ليلى مالك الخليل.

الأبناء والبنات: الحاج حسنين (أبو جعفر) متزوج من الحاجة رنده عليان.

الشيخ محمد(أبو مرتضى) متزوج من الحاجة فاطمة سلمان الخليل.

الحاج محسن(ابو علي) متزوج من الحاجة مروة زهير الخليل.

الحاج علي(ابو حسن) متزوج من الحاجة غنوة جابر.

الحاج أحمد متزوج من الحاجة ريم موفق الخليل.

الشهيد الحاج رضا إستشهد عازباً.

الحاجة مريم(أم علي) متزوجة من الحاج أحمد غبشي.

الدراسة وتعلم القرآن الكريم

دراستهم لمبادئ اللغة العربيّة ومبادئ الحساب كانت في مدرسة الغبيري الرسميّة الواقعة قرب روضة الشهيدين حيث لم يكن هناك مدرسة رسمية أخرى في الضاحية الجنوبيّة سواها، بل كان أبناء برج البراجنة وحارة حريك يتعلّمون فيها.

والتزام والدهما الدينيّ المرحوم الحاج علي مهدي الخليل ومحبته للقرآن الكريم ولأهل البيتi، حثهما وشجعهما لتعلم القرآن الكريم وحفظه وتجويده بعيد انتهائهما من المرحلة الإبتدائيّة للإلتحاق بالدراسة القرآنيّة في المسجد العمري الكبير، بيروت. حيث درسا على أيدي كبار القراء والحفظة في الأربعينيات من القرن الماضي وهم: 1ـ الحاج حسين الشّعار. 2ـ الحاج حسن دوغان. 3ـ الحاج رشيد الحجار. 4ـ الشيخ أحمد العجوز. كما كانا في فصل الصيف يحضران دروس الحاج حسين عسيران القرآنيّة في مدينة بحمدون في مسجدها الكبير.

وبعد حفظهما واتقانهما للقرآن الكريم عن طريق أولئك الأساتذة الكرام انتقلا إلى جمعية المحافظة على القرآن الكريم في محلة البسطة التحتا ـ بيروت ليتزودا منها العلوم القرآنيّة، ويصبحا من أساتذة تعليم القرآن الكريم الّذين يشار اليهما بالبنان. وقد مارسا تدريس القرآن الكريم بعد ذلك في جامع الإمام الحسين(عليه السّلام)، في الشياح منذ سنة 1956م. ولغاية سنة 2010م. أي لمدة أربع وخمسين سنة حيث قرأ عليهما وتعلّم منهما مئات الفتية والشباب خلال هذه المدة الطويلة. وانتشروا كقراء للقرآن الكريم في لبنان وخارجه.

أعمال وذكريات أخرى

ومن أعمالهما وذكرياتهما الأخرى أمور كثيرة نستطيع أن نوجزها بما يلي:

1ـ خدمة العلماء والقيام بشؤونهم. وهذه العادة الجميلة استفاداها من المرحوم والدهما ومن المرحوم الحاج محمد أمين كنج إذ كان العلماء عندما يأتون من جبل عامل إلى بيروت أو من النّجف الأشرف والعراق إلى بيروت يحلّون في ضيافة والدهما أو في ضيافة جارهما الحاج محمد أمين كنج أو المرحوم الحاج أحمد كنج كما كان والدهما موضع ثقة واحترام لقضاة المحكمة الشرعيّة الجعفريّة العليا. وكان مركزها القديم في الشياح ـ قرب جامع الإمام الحسينt، وقد خصَّ بالذكر الرئيس آية الله السيّد محمد يحيى صفي الدين(قده)، والعلاّمة السيّد علي فحص(قده). والعلاقة الخاصة بينهما وبين المرحوم والدهما.

2ـ خدمة العلماء الّذين توالوا على إمامة جامع الإمام الحسينt، وهم: الإمام السيّد محسن الامين، الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين، العلاّمة الكبير الشيخ حبيب آل ابراهيم، العلاّمة الشيخ بدر الدين الصائغ، العلاّمة الشيخ محمد جواد مغنية، العلامة الشيخ جعفر الصائغ، العلاّمة الشيخ محمد زغيب، العلاّمة الشيخ محمد حسن القبيسي وغيرهم. وخدمة وقف الجامع الآنف الذكر.

3ـ خدمة جميع العلماء وطلبة العلوم الدينيّة اللبنانيين في النّجف الأشرف الّذين كانوا يطلبون المساعدة والعون منهما في إيصال الكتب والرسائل والإجازات العلميّة ونحوها إلى النّجف الأشرف أو إلى ذويهم في لبنان. حيث كان الشيخ سلمان والشيخ جعفر موضع ثقتهم وثقة مراجعنا الأعلام في النّجف الأشرف كالإمام السيّد محسن الطباطبائي الحكيم(قده)، الإمام السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئيّ(قده)، الإمام الشهيد السيّد محمد باقر الصدر(قده)، الإمام السيّد علي الحسينيّ السيستانيّ(دام ظله)، الإمام السيّد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم(دام ظله)، والمراجع اللبنانيين آية الله الشيخ محمد تقي الفقيه(قده)، آية الله السيّد حسين يوسف مكي(قده)، آية الله العظمى السيّد محمد حسين فضل الله(قده)، والإمام السيّد موسى الصدر حيث كان للشيخ سلمان علاقة خاصّة به. والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين(قده).

كما كانا على علاقة خاصة ببعض العائلات النجفيّة من العلماء كعلاقتهم بالسادة الأشراف من آل الخرسان من خلال مصاهرة العلاّمة السيّد محمد هادي الموسوي الخرسان لابن عمهم العلاّمة الشهيد الشيخ طالب مالك الخليل. وغيرها من علاقات ثقافيّة وإجتماعيّة وروحيّة.

4ـ حصر خدماتهما للمعتمرين والحجاج والزوار من خلال إفتتاحمهما لـ «حملة الخليل للحج والزيارة» برعايتهما وادارة انجالهما الأوفياء الكرام. وهذه الحملة تمتاز عن سواها بحسن الضيافة والكرم والإحتياط الشرعي.

5ـ إهتمامهما بالواجبات الشرعيّة من واجبات ومستحبات لموتى المؤمنين من خلال اشرافهما المباشر أو غير المباشر على القضايا الشرعيّة للأموات في روضة الشهيدين ايام صاحبي السماحة الإمام السيّد موسى الصدر والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وبنقل موتى المؤمنين إلى النّجف الأشرف حسب وصاياهم ورغبة ذويهم بذلك.

6ـ مشاركتهما وتأييدهما لأعمال البرِّ والإحسان التي أقامها علماؤنا الأعلام ورجال الخير والصلاح في جميع المحافظات اللبنانيّة من إفتتاح للمساجد والحسينيات والمستوصفات والمدارس وغيرها من مؤسسات يحتاجها النّاس، وتحتاج إلى التأييد والمساعدة.

7ـ إطلالتهما الدائمة أيام الشباب والكهولة على قرى المسلمين الشيعة في شمال لبنان وبلاد جبيل والفتوح في مناسبات كثيرة وبناء على دعوات كانت توجه إليهما في حينه. وتلبيتهما لتلك الدعوات في أصعب الأيام التي مرّت على لبنان شعوراً منهما بالمسؤوليّة الشرعيّة ومودة ومحبة منهما لهذه البلاد وأهلها.

وفي الختام لا يسعني إلاّ الدعاء طالباً إلى الله تعالى أن يطيل عُمر الشيخين الكريمين سلمان وجعفر الخليل ويحفظهما ويحفظ ذريتهما المباركة ويجعل من هذه الذريّة مَحطةً لآمال المؤمنين الّذين أحبوا الشيخ سلمان والشيخ جعفر الخليل لخدمتهما للقرآن الكريم ولأهل القرآن. كما لا ننسى الدعاء لفضيلة الشيخ سلمان الخليل بالشفاء والصحة والعافية بعد توعك صحته وإدخاله المستشفى، إنّه سميع الدعاء حميد مجيد.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

 


الحاج علي مهدي الخليل

الدكتور قيس مع الشيخ سلمان الخليل

بعض الأوسمة والهدايا للشيخين الخليلين

من حفل تكريم بلدية الغبيري للشيخ سلمان الخليل برعاية العلّامة الشيخ نعيم قاسم

د. القاضي عمرو ود. الشيخ قيس مع الشيخين سلمان وجعفر الخليل