أُمَّةُ إِقرأ لا تقرأ !!.
إعداد: الأستاذ محمد علي رضى عمرو
كنت اقرأ بالأمس واستوقفني خبر نشرته وكالات الأنباء مضمونه أن ادارة السجون في البرازيل قررت خفض مدة الحكم للسجين لمدة 4 أيام عن كل كتاب يقرأه بعد أن يتم اختباره في الكتاب بعد القراءة...
سررت بالخبر، وأسفت على واقع أمة إقرأ التي لا تقرأ... فالقراءة تعتبر مفتاح المعرفة وطريق الرقي، وما من أُمّة تقرأ إلا ملكت زمام القيادة وكانت في موضع الريادة.
القراءة نافذة تطلع القارئ على ما عند الآخرين بكل يسر وسهولة وهذا ما دعا إليه الدين الاسلامي فأول آية نزلت على رسولنا الكريم هي (إقرأ)، فالقراءة تعدت كونها حاجة الى اعتبارها ضرورة في العصر الحديث.
وتحتل القراءة بالنسبة للإنسان أهمية كبرى فهي وسيلته للتعلم والتعليم وهي وسيلته لاكتساب المعرفة بصفة عامة، كما هي بعض وسائل استمتاعه وترفيهه.
من ناحية أخرى تعتبر القراءة من أهم المهارات المكتسبة التي تحقق النجاح والمتعة لكل فرد خلال حياته وذلك انطلاقاً من أن القراءة هي الجزء المكمل لحياتنا الشخصية والعملية وهي مفتاح أبواب العلوم والمعارف المتنوعة.
القراءة هي إحدى الوسائل المهمة لاكتساب العلوم المختلفة، والاستفادة من منجزات المتقدمين والمتأخرين وخبراتهم. وهي أمر حيوي يصعب الاستغناء عنه لمن يريد التعلم، وحاجة ملحة لا تقل أهميتها عن أهمية الطعام والشراب، ولا يتقدم الأفراد، فضلاً عن الأمم والحضارات دون القراءة، فبالقراءة تحيا العقول، وتستنير الأفئدة، ويستقيم الفكر.
إن القراءة هي إيذان بمحو الأمية.
القراءة هي مفتاح العلم والمعرفة.
القراءة هي سبيلنا نحو الرقي والتطور.
القراءة هي ينبوع العطاء.
فإذا أردنا الرقي فعلينا بالقراءة، وإذا أردنا التقدّم فعلينا بالقراءة.
وإذا أردنا الدنيا فعلينا بالقراءة، وإذا أردنا الآخرة فعلينا بالقراءة، وإن أردناهما معًا فعلينا بالقراءة...
ومع أننا أُمّة إقرأ ولكن للأسف لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نقرأ المفيد من الكتب إلا من رحم الله من هذه الأُمّة، والأغرب من ذلك تقرير إحدى الجامعات في عالمنا العربي الذي أكدَّ أن 72% من خريجي الجامعات يتخرجون دون أن يقوموا باستعارة كتاب واحد من مكتبة الجامعة!
وإحصائية أخرى أشارت إلى أن معدل قراءة الفرد العربي على مستوى العالم هو ربع صفحة!! أي أن متوسط القراءة لدى الفرد العربي في السنةـ مقارنة بالقارئ العالمي لا تتجاوز نصف ساعة.
أمام هذا الواقع المؤلم لا بد ان نعترف أن المجتمع العربي والإسلامي بصفة عامة، يعاني من أزمة ثقافية مريرة تتمثل في العزوف عن القراءة، والاكتفاء بثقافة الصورة. وقد قال المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي « الأُمّة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها» وهذا ما نلاحظه اليوم، فأين هي أُمتنا، إنها منشغلة بالتفاهات والصراعات القبلية والعصبية، والحروب القاتلة للفكر والروح.
إننا مجتمعات مستهلكة لنفايات الغرب، أنظروا إلى أعدائنا (إسرائيل) مثلاً لوحدها تترجم كتباً إلى اللغة العبريّة، ضعف ما تترجمه الدول العربية مجتمعة، وكذلك فإنَّ اليونان تترجم إلى لغتها مقدار أربعة أضعاف ما تترجمه الدول العربية ولا أذكر عدد المنشورات والإصدارات التي تنشر في الدول المتقدمة، إنها المفارقة التي تؤكد بالملموس وضعنا الُّدوني في هذا العالم الذي تتصارع فيه الحضارات بالعلم والقراءة لإثبات وجودها والحفاظ على كيانها، أما نحن فأُمّة باعت دنياها بالتفاهات والعصبيات المقيتة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والأُمّة التي لا تقرأ هي أُمّة تُستعبد من قبل المستعمرين!!.