فروع الجامعة اللبنانيّة في جبيل لماذا؟...

18/5/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مدينةُ جُبيل مدينة الحَرفِ والكلمة التي مضى على وجودها قرابة السبعة آلاف عام قضتها في خدمة الأبجديّة والمعرفة والحضارة وإيصال صوت لبنان وربطه بمدن البحر الأبيض المتوسط. حيث كان الفينيقيون يرفدون تلك المدن بالأحرف الأبجديّة وبالحرير الصينيّ والتوابل والبهارات الهنديّة والخزف والأرجوان اللبنانيّ.

كما كانوا صلة الوصل بين مدن البحر المتوسط وتجارة بلاد الصين والهند عبر آشور بابل وبلاد فارس. كما كانت بلدة أفقا آنذاك التي ينبع منها نهر أدونيس أي نهر ابراهيم، مدينة مُقدّسة وَمحجَّة لأهل آشور بابل وغيرهم.

والحديث عن تاريخ جبيل وما أعطت سائر المدن الفينيقيّة ومدن حوض البحر الأبيض المتوسط من معرفة وحضارة، حديث طويل يحتاج إلى تصنيف كتاب خاص بذلك.

لكننا سوف ننوّه بمواقف أهالي مدينة جبيل وبلادها أيام الحرب والأحداث اللبنانيّة من عام 1975م. ولغاية عام 1990م. حيث كانت هذه المواقف مثالاً طيباً للوحدة الوطنيّة وللعيش المشترك وللتعاون في السَّراء والضرّاء بين المسلمين والمسيحيين إنطلاقاً من ميثاق عنّايا الموقّع من وجهاء هذه البلاد وأعيانها في 21 أيلول 1975م. من خلال رعاية سماحة الإمام السيّد موسى الصدر والعميد ريمون إده لذلك الإجتماع المبارك.

وقد خصَّ أيضاً هذه المدينة وهذه البلاد سماحة سيّدنا الأستاذ الإمام السيّد محمد حسين فضل الله بهذا المركز الثقافيّ الإسلاميّ كواحةٍ للعطاء الروحيّ والوطنيّ والثقافيّ والتربويّ بوضعه لحجر الأساس بمناسبة المولد النبويّ الشريف الواقع فيه 16 حزيران 2000م. مصداقاً لقوله تعالى:((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{ سورة ابراهيم، آية 24 ـ 25.

كما جاءت أيضاً ورقة التفاهم ما بين القائدين الجليلين فخامة الرئيس العماد ميشال عون وسماحة العلاّمة السيّد حسن نصرالله (حفظهما الله تعالى)، في أوائل عام 2006م. تتويجاً لآمال وأماني اللبنانيين في أن يكون لبنان وطناً واحداً لجميع أبنائه، وبالتالي ساعد هذا التفاهم والتعاون والتنسيق أبناء بلاد جبيل وكسروان والبترون وسائر الأقضيّة الكريمة لإستضافة إخوانهم من جنوب لبنان والضاحيّة الجنوبيّة لبيروت للوقوف معهم. وهذه الوحدة الوطنيّة كانت الطريق المستقيم لجيشنا اللبنانيّ الباسل وللمقاومة للإنتصار على العدوان الإسرائيليّ الغاشم على لبنان في تموز عام 2006م.

وبَعدُ

يا معالي الوزير الأستاذ جبران باسيل إنَّ تخصيصكم جبيل بهذه الزيارة الكريمة في أوائل عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون لدليل على ما لـجبيل وأهلها من محبة واحترام ومودّة في قلب فخامته وفي قلبكم الكبير. وإنطلاقاً من هذه المودّة نتوجه الى فخامة الرئيس العماد عون من خلالكم متمنين تنفيذ المرسوم الجمهوري رقم: 10221 الصادر في 22/3/2013م. القاضي بإنشاء فروع للكليات في الجامعة اللبنانيّة في بلدة إده في العقار الذي تملكه وزارة التربيّة والتعليم العاليّ الذي تبلغ مساحته قرابة الخمسة وعشرين ألف متر مربع. لما في تطبيق هذا المرسوم التربويّ من خدمة وطنيّة لتاريخ جبيل وتراثها الثقافيّ التليد، كما سائر المدن الفينيقية الأخرى في لبنان. وخدمة لخمسة آلاف طالب في أقضيّة البترون وجبيل وكسروان، وأخذاً بيد الأجيال في هذه الأقضيّة نحو المعرفة والعلم والوحدة الوطنيّة والمثل العليا للأخلاق التي امتاز بها الأسلاف والأجداد من موقّعي ميثاق عنّايا في 21 أيلول عام 1975م.

الهوامش:

(1) مداخلة القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو الخطيّة بمناسبة زيارة معالي وزير الخارجيّة اللبنانيّة جبران باسيل لمدينة جبيل واستقباله من قبل الأهالي في قاعة العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (قده)، صباح يوم الأحد الواقع فيه 12 شباط 2017م.

ـ وقد أتى هذا المرسوم الجمهوريّ في عهد فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان. وبسعي كريم من المجلس الثقافيّ لبلاد جبيل ورئيسه الدكتور نوفل نوفل ومن جهات خيريّة كريمة سوف نتكلّم عنها قريباً إن شاء الله تعالى. راجع مجلة (إطلالة جُبيليّة) العددين (11 ـ 12) الصادرين في 20/9/2012م. ص 85، تحت عنوان (ماذا عن فروع الجامعة اللبنانيّة في جبيل؟) لقاء مع الدكتور نوفل نوفل.