تاريخ الأسر الفتوحيّة

29/9/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

تأليف: فرنسيس الخوري يوسف حداد

بقلم: القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو

 

صدر عن دار نعمان للثقافة في جونيه كتاب: «تاريخ الأسر الفتوحيّة» للأستاذ فرنسيس الخوري يوسف الحداد في 416 صفحة مجلد تجليداً جيداً. الطبعة الأولى 2014. ولهذا الكتاب فوائد جيدة من حيث التعارف والتعاون واللقاء بين هذه الأسر في الماضي والحاضر والمستقبل.

كما أنّ الوثائق الموجودة فيه مع شجر الأنساب جيدة ومفيدة لأهل البحث والتحقيق.

وسوف أتكلّم في هذه العجالة عن العائلات الإسلاميّة الشيعيّة التي تكلّم عنها المؤلف وعن الأخطاء التاريخيّة الكبرى التي وقع بها نتيجة لعدم الإطلاع والتحقيق، آملاً منه تدارك ذلك في الطبعة الثانيّة. وافضل كتابة كتبها المؤلف هي، عن آل الشوّاني في الصفحتين 222 ـ 223 لأنَّ مصدره كان الأستاذ منيف موسي الشوّاني والتي سبق للشوّاني أن كتبها في « إطلالة جُبيليّة» في العدد المزدوج (13 ـ 14) الصادر في شباط 2014م.

وبعد فملاحظاتنا حول كلامه عن الأسر الإسلاميّة الشيعيّة في الفتوح هي التاليّة:

أولاً: قوله في الصفحة 24:« وفي زمن الأمير فخر الدين وأثناء تولي أبا نادر الخازن، مقاطعة كسروان، إنفصل الفتوح عن كسروان وجعل مقاطعة مستقلة تحت سلطة آل حمادة. لكنَّ هذه المقاطعة لم تتقدم ولم تزدهر وبقيت في حالة من التقهقر والفوضى حيث يقول الحتُّوني: لم تحصل هذه المقاطعة على نجاح. ولم تتمكن النصارى من التوطن فيها لعدم الراحة والأمنية».

والواقع لو رجعنا إلى قسم كبير من الأسر الفتوحيّة وبعض وثائق بيع الأراضي التي نشرها المؤلف عن مشايخ آل الدحداح وآل الحصري وآل شقير وغيرهم من عائلات مارونيّة. وعن بعض الكنائس القديمة في الفتوح في كتابه، لوجدنا أنّ مشايخ آل حماده حكام مقاطعة الفتوح هم أصحاب اليد البيضاء في الوجود المسيحيّ المارونيّ في فتوح كسروان.

وقد تكلّم الدكتور سعدون حمادة في المجلد الثانيّ من كتابه «تاريخ الشيعة في لبنان» في الفصل الرابع من كتابه عن نماذج جميلة تعتمد على وثائق باللغتين العربيّة والفرنسيّة عن علاقة مشايخ آل حمادة في جبل لبنان إلى حمايتهم للبطاركة والكهنة والقساوسة من ظلم ولاة باشاوات طرابلس الأتراك. وكذلك عن اعفائهم للأملاك الوقفيّة المارونيّة من الضرائب. وكذلك عن قضيّة إستعانة البطريرك عوّاد في سنة 1713م. بهم بعد عودته من روما تنفيذاً لقرار الحبر الأعظم واستقبالهم له في جبيل وشمال لبنان أيام الشيخ اسماعيل حمادة وحمايتهم له من تعديات مشايخ آل الخازن وجماعتهم في كسروان. وغير ذلك من أمور، راجع « إطلالة جُبيليّة» العدد 17 الصادر في نيسان 2015م. ص 38.

ثانياً: في كلامه عن أسرة حيدر في الصفحتين:146 ـ 147 في قريتي الحصين وزيتون تكلّم عن آل الحاج سليمان ـ حيدر، في بدنايل والبقاع وهم من قبيلة بني أسد العربيّة المعروفة، وعن أولاد عمهم آل عسيران في صيدا وجبل عامل ولم يتكلّم عن آل حيدر أحمد في الفتوح وبلاد جبيل. لأنَّ آل حيدر أحمد هم من العشائر الحماديّة. والصواب في كلامه الآنف الذكر فقط ما جاء في ثلاثة أسطر في الصفحة 147 وهو قوله:« ويقول النّسابون إنّ الأسر الشيعيّة الموزعة في قرى الحصين وزيتون وبلاد جبيل يعودون بالأصل إلى مشايخ آل حمادة وقد تفرَّع منهم بنو ناصيف ومرعي وقبلان وأحمد» لأنَّ كلامه هذا مطابق لما جاء في «معجم الأسر الشرقيّة» لعيسى اسكندر المعلوف المجلد السابع و «لموسوعة لبنان المصورة» لطوني مفرّج الجزء الثالث ولغيرهما من مصادر ذكرتهم في عداد العشائر الحماديّة في جبل لبنان والبقاع.

كما أنّ العائلات التي ذكرها في زيتون والحصين وهي: آل أحمد في الصفحة 87، آل حسين في الصفحة 134، آل حمّود في الصفحة 144، آل عيسى في الصفحة 164، وآل دياب في الصفحة 171، وآل سليمان في الصفحات 202 ـ 203 ـ 204، وآل علي في الصفحة 269، وآل قبلان في الصفحة 299، وآل محمود في الصفحة 332 وآل ناصيف في الصفحة 352 فهم فروع وأفخاذ من آل حيدر أحمد العائلة العربيّة اللبنانيّة الكبيرة. وكذلك آل البواري وآل بدرا وآل الكيّال وآل زيتون في البقاع وآل حيدري في مدينة جبيل ورأس اسطا وآل حسين في عمشيت. كما أن هناك أفخاذاً أخرى في الحصين وزيتون من آل حيدر أحمد وهم: آل دعيبس، آل رشيد، آل داود وغيرهم.

ثالثاً: إنّ آل الحلاّني في قرى المعيصرة وغبالة وزيتون والحصين هم من قبائل التركمان الّذين حكموا فتوح كسروان بعد النكسة الكبرى التي تعرضت لها المنطقة سنة 1305م. كما يقول بذلك الشيخ كامل عمرو. وقد تفرّع عنهم آل سلّوم في المعيصرة وآل جربوع الحلاّني في الحصين. وليس كما ذهب إليه المؤلف في الصفحتين 142 و 202.

رابعاً: إنَّ آل ناصر في قرية الحصين هم من ذرية آل حمادة حكام بلاد الفتوح وجبيل وشمال لبنان والهرمل أيام الدولة العثمانيّة كما تكلّمنا عن ذلك في الملحق الخاص عن الرئيس الحاج عبدالله حمّود ناصر في مجلة \"إطلالة جُبيليّة\" العدد الخامس الصادر في تشرين الثاني 2011م. وقد تفرّع عنهم آل ناصر في تمنين الفوقا وليس كما ذهب إليه المؤلف في الصفحة 350.

خامساً: إنَّ آل عمرو في المعيصرة وفروعهم في: السلوقي التابعة لشمسطار والهرمل وبيروت والضاحية الجنوبيّة وجبل عامل هم أبناء عم لآل علي الصغير الوائليين في جبل عامل كما أثبت ذلك الدكتور عبد الحافظ شمص في «إطلالة جبيليّة» العدد 16 الصادر في كانون الأوّل 2014م. من الصفحة 59 ولغاية

 

صفحة 68. وكما اثبتنا ذلك في كتاب «التذكرة أو مذكرات قاضٍ» وفي أعداد المجلة الآنفة الذكر خلال كتب مؤرخي جبل عامل ومن خلال بعض القصائد الشعريّة التي استشهدنا بها.

وأمّا آل مرعب في المعيصرة وفرعهم أبي حيدر فهم أبناء عم آل عمرو وهم من ذريّة الشيخ أحمد الميسي الوائليّ حاكم بلاد جبيل أيام الدولة العثمانيّة مع الشيخ حسين ابن الحسّامي سنة 1676م. وليس كما جاء في الصفحة 336 حيث لم يتعرض لذكر الشيعة منهم أو لذكر آل أبي حيدر أيضاً. كما لم يسكن أحد من آل عمرو بلدة الحصين ـ«سابقاً أو حاضراً»ـ حيث جعل منطلقهم بلدة الحصين إلى باقي القرى اللبنانيّة. نعم كان منطلقهم قرية فتقا في الفتوح قبل مجيئهم إلى المعيصرة. وأنهّم من آل حمادة كما جاء في الصفحة 274. نعم كان آل عمرو وأبناء عمهم آل أبي حيدر وآل قيس وآل مرعب في المعيصرة والحصون حلفاء في السياسة مع آل حمادة أيام الدولة العثمانيّة.

سادساً: وكما نسي المؤلف ذكر آل مرعب وآل أبي حيدر الشيعة في المعيصرة، كذلك نسي ذكر آل شمص في يحشوش مع العلم أنّهم مع فروعهم من أكبر العائلات الإسلاميّة الشيعيّة في لبنان. ومن آل شمص في يحشوش فضيلة الشيخ مهدي الشيخ عصام شمص إمام بلدة الحصين في أيامنا هذه.

كما أنّ لآل شمص وجوداً تاريخياً قديماً في قرى: غبالة وبزحل، وشوّان والمعيصرة أيام العصر العثمانيّ.

سابعاً: كما لم يذكر العائلات الإسلاميّة الشيعيّة في قرى الفتوح التي اقتطعها الرئيس فؤاد شهاب من قضاء كسروان والحقها بقضاء جبيل وهي قرى: لاسا وعين الغويبة وأفقا وقرقريا والمزاريب.

ثامناً: لم يذكر العائلات والأسر التي كان لها دور كبير في تاريخ قرى الفتوح ايام العثمانيين ثم هاجرت الفتوح إلى البقاع أو إلى جبل عامل في فتنة 1860م. الطائفيّة أو قبلها أو بعدها بقليل وعلى رأسها كان آل حماده شيوخ هذه البلاد. وآل زعيتر في بلدة الزعيترة وغيرهم من عائلات تحمل أسماء قرى فتوحية كسروانيّة كآل مُراد نسبة إلى المراديّة. وآل شحيتلي نسبة إلى شحتول وآل غزيري نسبة إلى غزير. وآل عزير نسبة إلى قرية العذراء أو العذر. وآل حراجلي نسبة إلى حراجل، وآل فيتروني نسبة إلى فيترون. وآل حريصي إلى حريصا. وآل البواري نسبة إلى البوار وغيرهم.

تاسعاً: إن تكلّم المؤلف عن الفتوح من الناحيّة التاريخيّة في الصفحات الأولى من تاريخه يتناقض تماماً مع الواقع والآثار التاريخيّة كما يتناقض ايضاً مع تاريخ العائلات المارونيّة في هذه المنطقة إذ أنّ مجيئها من وادي العاصي وشمال لبنان وسوريا كان في العهد العثمانيّ، أو قبله بقليل كآل حبيش في غزير وآل الخازن في كسروان. قال الدكتور كمال الصليبي في كتاب،« تاريخ لبنان الحديث»،:«عاش المسلمون، السُنّة والشيعة على السواء، أكثر ما عاشوا خارج المنطقة المعروفة بجبل لبنان. وتكتظ منطقتا بعلبك وجبل عامل بالشيعة الاثني عشريّة. وهم يعرفون، محلياً، بالمتاولة. وكانت جماعات من الشيعة تسيطر، قبل العهد العثمانيّ بمدّة طويلة، على لبنان كله، ما عدا مناطق بشري والبترون وجبيل في الشمال، وهي التي كانت منذ البدء تحت سيطرة الموارنة، فظلت حتى القرن الرابع عشر آهلة بالشيعة. وما زال جبل الضنيّة، إلى الشمال من بشري، يحمل إلى هذا اليوم إسم الجماعة الشيعيّة التي استقرت هناك قبيل الحروب الصليبيّة(1) ».

كما أفرد الدكتور لطيف الياس لطيف أطروحة خاصة لدراسة جميع الإجتهادات والآراء والأقوال حول سكان كسروان القدامى أيام الحملات المملوكية عليهم، تحت عنوان:« قراءة جديدة في مذهب الكسروانيين إبان الحملات المملوكيّة ـ مقاربة تحليليّة نقديّة حيث جاء في خلاصة هذه الدراسة:« إنّ وجود الإماميّة الإثني عشريّة في جبل كسروان، أمرٌ لا يقبل الجدل، ولا يرقى إليه الشك، لأنّه المذهب الذي قصده إبن تيمية، وهو مذهب واحد بعينه، وليس مذهبين أو أكثر، حين قال بعد عرضه للمسائل الخلافيّة الفقهيّة ـ العقائديّة مع أهل كسروان:« هذا هو المذهب الذي تلقنه لهم أئمتهم، مثل بني العود، فإنّهم شيوخ هذا الجبل»، ونحن نرّجح أن يكون إنتشار هذا المذهب في تلك الحقبة، ما بين نهر الكلب ونهر ابراهيم ساحلاً، وجرود المنيطرة وصنين جبلاً. كما رّجح أيضاً وجود أقليّة نصيريّة بينهم نتيجة لوجود بعض النصوص ووجود أقليّة درزيّة أخرى في المتن الشمالي على ما أفصحت عليها بعض الدراسات(2)».

وأمّا الهجرة المارونيّة إلى فتوح كسروان والسكن به فحدثت أيام الأمراء العسافيين التركمان في غزير وفي العصر العثمانيّ أيام المشايخ من آل حمادة، كما تقدّم من كلام، وليس كما ذهب إليه المؤلف.

الزعيترة في تاريخ لبنان المناطقي

للأستاذ انطوان يوسف سعادة

والتحولات في الريف اللبنانيّ

بين 1305 ـ 2015م.

صدر للأستاذ انطوان يوسف سعادة هذا الكتاب النفيس عن مطابع بيبلوس الحديثة في بيروت 2014م. في 592 صفحة من الحجم الكبير مع ملحقات عن أشجار عائلات الزعيترة وهم: آل عون، آل طايع، آل سعادة، آل زوين، آل خيرالله.

إشتمل هذا الكتاب على دراسات إستقصائيّة إحصائيّة عن أصل أهالي الزعيترة وأنسابهم وتاريخهم وأشجار عيالهم وتعداد أفرادهم ونشاطاتهم ومساكنهم ومستوياتهم الثقافيّة والإجتماعيّة. وقد مهدَّ لذلك بمقاربات تاريخيّة وجغرافيّة وإقتصاديّة عن الزعيترة ومنطقة فتوح كسروان مرفقة بالخرائط والوثائق والصور. وملاحظاتنا حول هذا الكتاب النفيس التاليّة:

أولاً: وقوع الأستاذ سعادة بالخطأ الذي وقع فيه الأستاذ فرنسيس الخوري يوسف حداد حيث اعتبر أن سكان الزعيترة والفتوح وكسروان القدامى الّذين فتك بهم المماليك وهجّروهم سنة 1305م. كانوا موارنة وهذا يتناقض مع المصادر التاريخيّة المحترمة ومع الدراسات العلميّة الحديثة ومنها دراسة الدكتور لطيف الياس لطيف ودراسات الدكتور كمال الصليبي والتي أشرنا إليها آنفاً في كلامنا عن كتاب «تاريخ الأسر الفتوحيّة» كما تكلّمت عن ذلك في كتابي «صفحات من ماضي وحاضر الشيعة في لبنان».

يقول السيد ادوار يوسف عون وكيل الأوقاف المارونيّة في بلدة الزعيترة في مقابلة لمجلة «إطلالة جُبيليّة» العدد الثاني الصادر في كانون الثاني 2011م. في الصفحة 19 عن تاريخ آل عون في الزعيترة:« آل أبي عون عائلة عريقة كانت تسكن في البدء قرب نهر العاصي. وكانوا أصحاب ماشية وقد نزح جدنا من هناك وسكن قرب زغرتا في شمال لبنان. ومن ثُمّ إلى قرية يانوح في جرود المنيطرة ـ قضاء جبيل، وقد بنوا كنيسة هناك على إسم سيّدة الدّر. وفي بلدة يانوح بارك الله تعالى في ماشيتهم حتى كاد عدد القطيع أربعة آلاف رأس من

 

الغنم والماعز حتى ضاقت المراعي عليهم. وكان أحد أجدادنا على علاقة جيدة وممتازة مع أبي علي زعيتر. وكان جدي مع أبناء عمه يناصرون آل زعيتر على آل حمادة في النزاع الحاصل ما بين العشيرتين. وكان جدي يبحث عن منطقة للسكن فيها مع أبناء عمه ويكون فيها مراع لقطعان الغنم والماعز فإتفق مع صديقه أبي علي زعيتر على شراء بركة زعيتر منه فقدّمها له (أبو علي) بثمن قليل كعربون صداقة ووفاء ما بين العائلتين. وقد أتى جدي بحجر من الكنيسة التي كان أجدادنا قد بنوها في يانوح لبناء كنيسة أخرى على اسمها في قريتهم الجديدة. والتي أصبح إسمها الزعيترة بعد مدّة ليست قصيرة بدلاً من بركة زعيتر. وكانت قريتنا هذه تابعة آنذاك لبلدة غباله».

ثانياً: عدم ذكره لتبرعات آل عمرو في قرية المعيصرة في بناء كنيسة القديس مار انطونيوس في الزعيترة بولاية موسى إبراهيم زوين كما هو معروف ومشهور في الذاكرة الشعبيّة عند شيوخ الزعيترة والمعيصرة إذ كان أهالي المعيصرة يطالبون موسى إبراهيم زوين بمبالغ مالية طائلة ثمناً لأوراق توت الحرير آنذاك. فطلب منهم إحتسابها واعتبارها تبرعاً للكنيسة الآنفة الذكر فوافقوا على ذلك كهدية منهم لأهالي الزعيترة وعربون وفاء.

ثالثاً: كلامه حول شقِّ الطريق من العذرا إلى الزعيترة. ومن ثُمّ من الزعيترة إلى جامع المعيصرة في الصفحات 188 ـ 189 ـ 190 في الثلاثينيات من القرن الماضي حيث أهمل الذاكرة الشعبيّة في قريتي الزعيترة والمعيصرة التي تحدثنا عن تخطيط الطريق العام أيام الدولة العثمانيّة، الذي سعى به حسن بك كاظم عمرو مستشار نعوم باشا متصرف جبل لبنان لتخطيطه ما بين مدينة العقيبة الساحليّة ومدينة بعلبك مروراً بقرى الفتوح المعيصرة والزعيترة والعذرا وغيرها من قرى. وقد أخبرني بذلك عضو لجنة الوقف في الزعيترة كرم فياض طايع نقلاً عن والده الذي كان يخبره بذلك وعن حدودها الهندسيّة في الزعيترة وما كلمة الرثاء التي قالها كبير كهنة الزعيترة والفتوح الخوري فرنسيس عون وأوردها الأستاذ سعادة في كتابه الآنف الذكر ص 551 في سنة 1912م. إلا شكراً وإعترافاً بهذا العمل الوطنيّ الجليل وغيره من أعمال في تلك الأيام.

وما قام أهالي المعيصرة والحاج عبد المنعم عمرو به بالتعاون مع أهالي الزعيترة والياس ريشا عون وسائر القرى في أعوام 1976 ـ 1977 ـ 1978م. من إكمال الطريق إلى نهر إبراهيم وتزفيتها. وكذلك ما قامت به بلدية المعيصرة ورئيسها الحاج زهير عمرو سنة 2004م. من توسعة الطريق وإكمالها من خلال الليسيه الإفرنسيّة ومشروع الغزال إلاّ وفاءً للوحدة الوطنيّة التي تربط أبناء الفتوح ببعضهم البعض وقد أشار الأستاذ سعادة إلى ذلك في الصفحة 190 من كتابه الآنف الذكر.

رابعاً: حادثة طيرالزعرورة في أواخر أيلول سنة 1960م. فقد تحدّث عنها المؤلف في الصفحتين 289 ـ 290 في قضيّة إصابة الفتى فيصل حسين حسن عمرو برصاص الصيّاد يوسف لويس عون عن طريق الخطأ فالواقع الذي شاهدته آنذاك وأرويه أيضاً عن المرحوم الحاج حسين حسن عمرو «أبو فيصل» والحاج علي عباس عمرو، أن الأستاذ سعادة قد صدق في قسم من هذه الرواية ونسي قسماً آخر منها. وتصويب ما رواه هو التالي: 1ـ إن الذي أنزل الجريح من الزعرورة هو المرحوم حمود حسين حمود عمرو وحمله إلى منزل والديه في المعيصرة قرب الجامع وقد ساعده في ذلك المرحوم سعدالله تامر عمرو بعد إستغاثة وصراخ المرحوم حمود وطلبه للنجدة، وليس يوسف لويس عون!!! وأن الذي أوصل الجريح إلى مستشفى سيدة لبنان في جونية هو المرحوم عمه الحاج علي حسن عمرو والسيد عبد الرضى عمرو.

2ـ إنّ يوسف لويس عون ورفاقه وكانوا جميعاً في سن المراهقة خافوا وهربوا من المعيصرة إثر تلك الحادثة. ولم يبق منهم إلا يوسف الآنف الذكر الذي لحق به علي عباس عمرو وأوقفه بالقوة وسلّمه إلى مختار المعيصرة المرحوم محمد مشرف عمرو.

3ـ إنّ المصالحة ما بين علي عباس عمرو ويوسف الآنف الذكر قد تمّت برعاية مختار المعيصرة وطانيوس إبراهيم طايع في منزل مختار المعيصرة، بعد أن تعرّف علي عباس عمرو على يوسف وأنّه كان زميله القديم في مدرسة الزعيترة الرسميّة. وأن القضيّة كانت قضاءً وقدراً.

4ـ إنّ نفقة الطبابة والعمليات التي أُجريت للجريح فيصل كان قسم منها على نفقة والده والقسم الآخر قام به أهالي بلدة الزعيترة بواسطة الياس ريشا عون.

5ـ تكلّم بعض أهالي الزعيترة بالسوء على علي عباس عمرو آنذاك فتصدّى لهم المرحوم الحاج حسين حسن عمرو «أبو فيصل» بحكاية ذلك إلى كاهن الرعيّة الخوري نعمة الله عون الذي ناصر أهل المعيصرة في قضيتهم وشكرهم على موقفهم بشكل عام ولأبي فيصل بشكل خاص. ومنع أي كلام آخر وذلك أثناء موعظته لهم يوم الأحد في كنيسة سيدة الدّر في الزعيترة في شهر تشرين الأوّل 1960م.

6ـ والذي زار المستشفى ومنزل الحاج حسين حسن عمرو في المعيصرة للإطمئنان عن الجريح فيصل على رأس وفد من أهالي الزعيترة هو الياس ريشا عون وقال ذلك الكلام الذي ذكره المؤلف في آخر صفحة 289 وفي أوائل الصفحة 290 هو رئيس ذلك الوفد الياس ريشا عون وليس طانيوس إبراهيم طايع.

7ـ وبعد فإنّ الذي نوجه له الشكر في هذه القضيّة هو الله سبحانه وتعالى الذي منَّ على الفتى فيصل بالشفاء. كما نوجه الشكر إلى والد فيصل الحاج حسين حسن عمرو الذي رفض أن يتقدّم بدعوى للنيابة العامّة أو إلى مخفر درك جورة الترمس أو أن يقبض ليرة واحدة من أهالي الزعيترة لعدم رفعه دعوى حسب الأصول المرعيّة الإجراء. كما نوّجه الشكر إلى العقلاء والوجهاء في المعيصرة آنذاك وكان على رأسهم مختار المعيصرة محمد مشرف يحيى عمرو والأستاذ عبد الرضى الحاج علي مسلم عمرو. كما نوجه الشكر أيضاً إلى العقلاء والوجهاء في قرية الزعيترة آنذاك وكان على رأسهم كاهن الرعية الخوري نعمة الله عون والياس ريشا عون والخوري يوسف زوين ومختار الزعيترة البير إبراهيم عون. وطانيوس إبراهيم طايع وادوار يوسف عون ولويس ايليا عون وغيرهم.

وبعد فإنَّ ذيول هذه القضيّة وانعكاساتها وغيرها من قضايا كانت فاتحة خير وسلام ووئام وإحترام متبادل بين أهالي المعيصرة والزعيترة أيام الحرب والأحداث اللبنانيّة التي حدثت ما بين (1975 ـ 1990) ولغاية تاريخه.

 

الهوامش:

(1) تاريخ لبنان الحديث، للدكتور الصليبي، دار النهار للنشر ـ بيروت ـ الطبعة العاشرة 2008م. ص 15.

(2) قراءة جديدة في مذهب الكسروانيين إبان الحملات المملوكيّة ـ مقاربة تحليليّة ـ للدكتور لطيف ص 253 ـ 254 ـ 255. توزيع معرض الشوف الدائم للكتاب ـ الطبعة الأولى 2010م. بتصرف.