قصة قصيرة: أمي يا رمز الحياة

25/6/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ هيثم عفيف الغداف

كيف أكتب قصة قصيرة، عن والدتي دون حاجة الى العناصر المسّببة لها والأدوات اللازمة، أما أن أرسم وجه أُمي المتبّسم في قلبي وعلى ورقي فهذا يحتاج الى التعبّد والصوم وإلى التوفيق حيث كتب الشعراء وبشّرت آيات الرحمن والكُتب المقدّسة ببركة أُمهات ضحّين وكرّسن حياتهن للأبناء.

كيف كُنتُ أُعيِّد العيد بحلوله؟ في عيد الأضحى كنت ألبس الثوب الجديد، وأمّا في عيد الفطر فنجتمع على افطار شهيّ. أمّا في عيد الأم التي حُبَّها وَالبرُّ بها طريق الجنّة، في عيد مولدك أُمي أجتهد وأعجز عن رصف الكلمات لمكافأة دقيقة واحدة من سنيّ عمرك فلا أستطيع!!.

في وقفة تأملية كلّ عام نستذكر فيها أعذب الذكريات. هديتي لأُمي هي حُسنُ إستذكارها عند كل مائدة مع أطفالي، أروي لهم عن فيض حنانها على مسامعهم من طرائف ومحبّة الجدّة فيعيشوا ذكرياتها وتحيا أُمي من جيل لآخر في وجدان أبنائي.

أتكلم عن أول درّاجة هوائية ابتاعتها لي، وعن أول راتب تقاضته من الوظيفة، وعن كل صغيرة وكبيرة نعيش اللحظات الجميلة التي عطفت علينا بها أُمي.

أذهب بعائلتي ومعي أطفالي حُبَّاً في نزهة فكرية الى حيث جابهت هذه الجدّة الحنون الطموحة والطيبة عثرات الحياة كقّلة من أترابها ممن ضحينَّ بشبابهنّ لتحيا أُمّة أفضل. تلك هي يا ولدي الجدّة التي رسمت البسمةُ على وجه قلب يقاسي، تعانق الحياة عشقاً وتكدح كدحاّ سعياّ لأولادها وأحفادها.

هي فعلاّ الى الأبد حُبّاً كما قال الشاعر، والى غَدٍ هي صلاتي، في حضورها أحضر مقام الزائر للكعبة، فكلتاهما إلى وجههما عبادة، النظر للكعبة عبادة، والنظر لوجه أُمي عبادة. ربّ الجلالة تحدّى عباده بكلمات كتابه التي اذا ما نفد مداد البحر ما نفدت كلمات ربّي، وأنا أستعين برَّب السموات بالوصف لأقول لك أمي: لو كانت أمواج البحر أفواج حب وعشق، لنفدت أمواجه وما جفّ نبع العشق من قلبك يا أُمي.

في شهر الحياة، وُلِدت يا أُمي ووهب لنا ربّي منها ثمرة طيبة أنبتت سنابل عشق. تحتفل الناس بعيد الربيع في هذا الحين من العام ونحن نضيف حُبّاً على حُبٍّ بعيدٍ هو لك أُمي فرحة ولنا بهجة وسرور، أطال الله حياتك بالفرحة التي تغمر قلوبنا بقدوم عيدك علينا في كل عام، ونسأل الله أن يُمدَّ عمرك الى أبعد الأزمان ونسأله أن نلتقي دائماً عند مرفأ الحنان، مرفأ محبتك أُمي يا رمز الحياة.