شكوى معوَل

20/04/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: الحاجة سلوى أحمد عمرو

في يوم من أيام الربيع الجميلة زرت جدتي في منزلها القروي القديم الواقع في قريتي التي ترعرت بها مشّان ـ قضاء جبيل. رحبّت بي ترحيباً حاراً، وكادت دموع الفرح من عينيها تختلط بدموعي عندما ارتميت على أحضانها مُقبلةً وجنتيها ويديها طالبةً منها الدعاء لي ولوالدي ولزوجي ولأشقائي بالتوفيق والنجاح.

أخذت جدتي تحكي لي عن ربيع أيام حياتها مع المرحوم جدي في هذه القرية. وعن حكايتها مع زراعة الحنطة والعدس وسائر الحبوب وعن أيام الحصاد وعن غلة البيادر. وعن العونة التي كانت بين الأجداد أيام الحصاد وأيام ترميم المنازل القديمة أو استحداث بيوت جديدة. وتحكي لي عن قطاف العنب والتين والجوز واللوز والمشمش و... وعن مونة الشتاء وغيرها من حكايات غريبة عن عصرنا الحالي.

وعندما نظرت إلى الأفق الغربي لقريتنا وجدت أن شمس ذلك اليوم آذنت بالرحيل. والعصافير والطيور كادت أن تغادر سماء قريتي إلى أعشاشها شاكرةً لله تعالى على إطعامها وشعورها بالدفء بعد شتاء قارس.

استأذنت من جدتي طالبةً العودة إلى المدينة قبل حلول الظلام.

وأثناء مغادرتي لاحظت معولاً حزيناً يركن بالقرب من باب القبو كان رفيق المرحوم جدي في معظم أيامه وقد تآكله الصدأ وغطته الأعشاب حتى كاد يكون نسياً منسياً.

أخذته بلهفة ومحبة وألقيت منديلاً عليه محاولةً إزالة التراب والصدأ حتى أراه على حقيقته!

فما راعني إلا صوت جدتي وهي تصيح بصوتها العالي: يا حفيدتي سلوى إنّ هذا المعوّل القديم يشكو لي كل صباح بعد صلاة الفجر ما حلّ به من إهمال!...

 

لقد كان جدّكِ يفتخر به ويرعاه بالعناية والسهر وكان رفيقه الدائم يحمله بعد صلاة الفجر على كتفه وهو يحمل زاده يرافقه في الحقول والبساتين وأمام عيون المياه ويعود إلى المنزل متكئاً عليه. وكان الفلاحون من أصدقائه يثنون على هذا المعوّل الثناء الجميل لأنّه من صناعة بلدة جزين العاملية. وأمّا معاولهم فكانت ضعيفة لأنّها صناعة بلاد بعيدة. لا تستطيع مقاومة الصخور وغرائب الدهور