من أَجل حياة أفضل

25/3/2019
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم مستشار التحرير الدكتور عبد الحافظ شمص

الإنحراف وَدَوْر وسائل الإعلام

الإنحراف أو الجنوح، واقع بيولوجي، مَرَضي، نفسي واجتماعيّ، يُهدّد أَمن المجتمع ومستقبل النّاشئة... وغياب الأمن الاجتماعيّ والأخلاقيّ، يُعتبرُ جريمة وطنيّة تَعْبثُ بالمبادئ والقيم التي تُوجّه سلوك الفرد في الحياة...

فالانحراف النّفسي السُّلوكي عند البعض، يُعتبرُ مَرضاً اجتماعيّاً أَشدُّ خطراً على الحياة لأنّه يُولّد اضطراباً في السُّلوك الشخصي والنّفسي وَيُهدّد بالتالي أمن المجتمع...

دور الثقافة والإعلام

والثقافة، بما أنّها توجيه للفكر الإنساني نحو معرفة الواقع، لا بُدَّ إذاً من الإهتمام الجِدّي بها ووضع برامج ثقافيّة تربويّة تُؤمّن المعرفة المطلوبة.

والإعلام هو الوسيلة المهمّة، وليست الوحيدة التي تُترجم النشاطات وتُجسّد المواقف وتحدّد الإتجاهات والقيم التي تُكسب الأفراد مَناعة، وتضعهم وجهاً لوجه أمام العادات والتقاليد التي تسود المجتمعات الأخرى التي لا تحسب للأخلاق أَيّ حساب، فَتُبيّن لهم المساوئ والمحاذير التي تُهدّد البشريّة فيما لو استمرَّت الحال على ما هي عليه واستمرّ السّير في الإتجاه المغاير والذي يتنافى مع أَخلاق وكرامة الإنسان.

إذاً، فعلى الإعلام تقع المسؤوليّة الأولى، وعلى رجل الإعلام أن يتنبّه لكل شيء بهدف توعية ونهضة المجتمع ورفع مستواه وإبعاده عن كلّ ما يُسيء إليه وللأجيال المقبلة؛ مع مراعاة الأساليب الحضاريّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة لكلّ شعب من الشعوب، إذ أنَّ لكلّ شعب من شعوب الأرض قِيَماً متوارثة، تُعتبر جزءاً من الثقافة الضمنيّة المدرجة في جدول التُّراث الإجتماعيّ...

وقضيّة الإعلام عندنا في لبنان لها التأثير البالغ على صعيد التربية والأخلاق، وهي مصدر المآسي على مستوى الوطن، إذ أنَّ الدّور الإعلاميّ العاجز، جعل المجتمع يُواجه كارثة أخلاقيّة تهدّد الجميع بسبب افتقار وسائل الإعلام إلى خبرة الخبراء في الشؤون التربويّة والثقافيّة...

ويُعتبر عرض البرامج التي تنعدم فيها المصطلحات التربويّة. وعرض الأفلام والبرامج المخلّة بالآداب والتي لا تتلاءم والذّوق العام والتي بمعظمها تدور حول الجريمة والانحراف والسَّرقة والإدمان تُترجم السّلوك المنحرف، وبالتّالي يَنشطُ عمليّات الشذوذ الفكري والحياتي على كل صعيد، ويزيد الفرقة بين الإنسان وبين الأخلاق التي لا يقوم الإنسان بدونها، لأنَّ الإنسان عبارة عن تصرّفات، وتصرّفاته تكمن وراءها غرائزه وعاداته وحاجاته، وهي كلُّها تحدّد سلوكه ومسيرته، فإن كانت خيراً قادتْهُ نحو الخير، والعكس بالعكس...

والمرء حين يجد نفسه في فراغ بين القيم المثاليّة التي يتعلّمها أو يكتسبها، وبين الواقع المرير والمتناقض مع ما يتعلّمه، تختلُّ أمامه جميع الموازين وتهتزّ في وجهه القيم ويتسرّب إلى نفسه الشك فتنهار حينها ثقته حتى بنفسه ويتحوّل إلى إنسان مُنحرف، وهذا ما يجب أن تتصدّى له وسائل الإعلام مُجتمعةً بكلّ قوّة، وهذا ما يجب أن يَتنبّه له الجميع من أجل بناء أُسرة كريمة ومن أجل مُجتمع فاضل.