كلمات في الحبِّ بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل العلاّمة المرجع السيّد فضل الله (قده)

9/10/2017
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مستشار التحرير الدكتور عبد الحافظ شمص

من كلمات العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (قده)، في الحبّ:

أهوى الحياة انطلاقاً في ذُرى حلم

يشدّهُ لحياة الوحي إيمان

عَيشٌ بسيطٌ ودنيا غير طامعةٍ

وعالَمُ بالشّعور الحرِّ يزدان

ومن أقواله:[« لقد تعلّمت من رسول الله w، أن أحبّ النّاس جميعاً... أحبّ الإنسان المؤمن وأتعاون معه... وأحبّ الإنسان غير المؤمن لأنفتح معه على كثير من القضايا.

الأساس أن نحبّ الله لأنّ كل محبوب يتساقط ويموت ونفقد الإحساس بحبّه، فلنتعلّم من عليٍّ t، كيفيّة حبِّ الله.

ونشعر بالسكينة والطمأنينة والأمن والفرح الروحيّ، ومن هنا، ما قيمة أن يحبّنا النّاس، ويبغضنا الله، وما قيمة محبة الله وبغض النّاس لنا؟..

إنّ الإسلام يريد للنّاس جميعاً رجالاً ونساءً أن يعيشوا الحبَّ الإنسانيّ الّذي يجعل الإنسان يتعاطف مع الإنسان الآخر بالدّرجة الّتي يشعر بالرّابطة الّتي تربطه به في دائرة إنسانيّته.

إنّ على الإنسان أن يعيش الحبّ للإنسان الآخر في المسألة الإنسانيّة، وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق t، وقد سأله بعض النّاس عن الحبّ فقال: وهل الدين إلاّ الحبّ»(1) ].

«قد يُقال أنَّ الحبَّ والكراهيّة وجهان لعملة واحدة.. لكنَّ هذا الكلام يُجافي الحقيقة. وَمن الخطأ أن نقرَّ به أو نعتمده في علاقاتنا الإنسانيّة...

إنَّ الذي يكره بشدّة، لا يستطيع أن يحبّ... حتى على المستوى الشخصيّ عندما يحبُّ الإنسان إنسانة، فإنّها مهما غدرت به أو أغضبته، فإنّه لا يكرهها... إذ ربّما يشعر بالغيظ منها... وهناك فرق بين الغيظ والكراهيّة... فالكراهيّة تكون نتيجتها الشرّ... لكن الغيظ يمكن أن يؤدّي إلى الإحساس بالإستفزاز وليس إلى فعل الشرّ... والكراهيّة تفعل فعلها... ففي التاريخ نجد أنّها أدَّت إلى حروب طاحنة، وهي: بلا شك، أدّت إلى كلّ الشرور في العالم...

فالحبّ إذاً هو الملجأ، وهو الشيء الوحيد الذي يُسعد النفس في الحياة... والذي يتمسّك به بشدّة، لا يجد غضاضة في علاقاته الإنسانيّة مع أهله ورفاقه وجيرانه وأبناء مجتمعه ووطنه... ولو عاش الإنسان في ظروف هادئة وخالية من الشّوائب التي تُنغّص عيشه بإستمرار، فإنّه لن يحتاج للحبّ بهذه الدرجة...

وَهُنّا نُشير إلى أنَّ الرّجل ليس بحاجة إلى القوّة لإخضاع الآخرين... فعندما يكون إبجابيّاً، تكون دوافِعُهُ أن يشمل الخير جميع النّاس... وحينما يكون سلبياّ يكون من الجانب الآخر، حبّ الذات وكراهيّة الغير!!!.

إنّ وزن الكراهيّة في هذه الحالة، ثقيل جداً، فهل يؤثر أكثر من الحبَّ؟... تبقى المسألة مُحيّرة... وما يمكن قوله أنّ ما من عمل أو تأثير إلاّ ووراءه حبٌّ أو كراهيّة... ولكن كيف نَزِنُهُما؟... فقد نستطيع أن نقول أنّه كلّما غلب الصَّلاح والبناء في المجتمع. انتصر الحبّ... والعكس صحيح... ومع الكراهيّة هناك حبّ الّذات، لأنّه ينحصر في الذات بالأنانيّة والإستهتار بالآخرين... وهذا منتهى الكفر والسُّقوط...

يبقى القول أنّ الحقد والكراهيّة صِفتا الفاشل... والحاقد يظن أنَّ هناك جنوداً مجهولين يعملون ضدّه، وأنَّ هناك مَنْ يحاربه، ولذلك فهو لن ينطلق ولن يتقدّم...

واستطراداً، فالحبّ يُطيل العمر... والحاقدون يموتون وأعمارهم قصيرة جداً، لأنّهم يُضعفون قلوبَهم بالحقد والكراهيّة!!!. والخوف لا يُساعد الإنسان على الحبّ، لأنّ الخائف يضع احتمالاته في أن مَنْ يُحبُّه قد يخدعه... وهذا يجعله يشك في كلّ شيء، بينما الحبّ ثقة... وليس صحيحاً أنّ الشكَّ يُحيي الغرام، بل يقتله... والقلب الذي يمتلئ بالكراهيّة لا يبقى فيه مكان للحبِّ... فالإنسان الذي لا ينام جيّداً، هو الذي يُعاقِبُ نفسه قبل أَن يُعاقِبَ الشخص الآخر... والذي يمقت إنساناً، يظلّ يتألم طوال الليل، بينما الآخر نائم...

وأخيراً، فالكراهيّة نوع من الظلم ومركزها القلب وهي عاطفة لشخص... إمّا مهزوم أو حاسد، أو مكسور...

وأخيراً... فإنّ الذي يبقى ويبني ويُساعد الإنسان في حياته هو الحبّ، والتَّسامح والعفو عند المقدرة».

 

الصفحة الأخيرة

 

الهوامش:

(1) لكلام السيّد الحلقة (6) إعداد وتنسيق السيّد شفيق محمد الموسويّ، للفقيه المجدد العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (قده)، ص 345 ـ 346. وكانت هذه المقالة من مستشار التحرير الدكتور عبد الحافظ شمص بمناسبة مرور ذكرى سبع سنوات على وفاة سماحته (قده)، هيئة التحرير.