ملحق الإمام الحسين (ع): مختصر الكلام عن الإمام الحسين (رض)

4/1/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: الشيخ غسّان اللقيس إمام المركز الإسلاميّ في جبيل

يُسعدني ويشرفني أن أتكلم عن بطل كبير من أبطال المسلمين. عن رجل اختار الشهادة وأبى أن يُذعن للذُل والهوان وأبى إلا أن يقول كلمة الحقِّ والدين وأن يدافع عنهما وأن يحارب الفساد والمفسدين، وأن ينتهج نهج أبيه وجده النبيّ w، وأن يجسده قولاً وعملاً، يُسعدني أن أكتب عن شخصيّة كريمة عظيمة، شخصيّة أحبّها رسول الله واعتبرها ريحانته من الدنيا، إن هذه الشخصيّة الفذّة هي سبط رسول الله ابن البنت الغالية إنّه الحسين بن عليّ وفاطمة o.

يقول زيد بن أرقم في أهل بيت رسول الله w: قام رسول الله w، يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خُمّاً بين مكّة والمدينه فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أمّا بعد ألاّ أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب وأنا تارك فيكم الثقلين (أي شيئين عظيمين كبيرين)، أولهما كتاب الله منه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثَّ على كتاب الله ورغبّ فيه ثُمّ قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. قالها w مرتين لبيان أهمية ما يقوله في أهل بيته.

قال المؤرخون أنّ الحسين وُلِدَ في الثالث من شهر شعبان في السنة الرابعة للهجرة الموافق لسنة 625م. والدته فاطمة u، وُلِدَ بعد سنة من أخيه الحسن. جاءها النبيّ w، وقال يا فاطمة هاتي إبني فدفعته إليه وهو ملفوف بخرقة بيضاء فاستبشر به وأذن في أذنه اليمنى وأقام الصلاة في اليسرى ثُمّ وضعه في حجره وبكى فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله لم تبكي قال w:، أبكي لما يصيبه بعدي فسوف تقتله الفئة الباغيّة ولا أنالهم الله شفاعتي ومضى يقول لعليّ (ع)، هل سميته يا أبا الحسن فقال علي ما كنت لأسبقك في اسمه وكنت أحبُّ أن أسميه حرباً فقال w، سمه حسيناً يا عليّ.

وفي اليوم السابع عقَّ عنه كبشاً وتصدَّق بوزن شعره فضة كما فعل مع أخيه الحسن من قبل.

وكان الحسين من أحبَّ النّاس إلى جده النبيّ w، ومن المقربين إليه حتى أنّه كان يصعد به إلى المنبر حين يخطب بالنّاس وكان حين يصلي بالنّاس يعتلي ظهره فكان w، لا يرفع رأسه خوفاً على الحسين أن يصيبه مكروه.

روى المؤرخون أنّه (ع)، تزوج من سُلافة إبنة الملك يزدجرد آخر ملوك الفرس فكانت له الزوجة الصالحة التقية الجميلة فانجبت له علي بن الحسين.

من أقواله (ع): ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم. قال لإبنه علي وهو يحاوره يوماً: اي بُني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله.

فظلم القوي للضعيف المستنجد بالله تعالى، الذي لا يجد ناصراً ومعيناً له إلاّ الله هو أقبح الظلم. وذلك مصداقاً لأحاديث شريفة وآيات كريمة قال تعالى:} الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ { سورة البقرة ، آية 27 .

وقال (ع): ما أخذ الله طاقة أحدٍ إلا وضع عنده طاعته. ولا أخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته.

هذه قاعدة فقهيّة إعتبرها فقهاء الإسلام أساساً في التشريع.

ومن اقواله (ع): من دلائل علامات القبول: الجلوس إلى أهل العقول. ومن علامات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الفكر، ومن دلائل العالم انتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر.

وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) سورة الزمر، آية 18.

قال رجل لسيّدنا الحسين: إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع فقال الحسين (ع)، ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البرّ والفاجر.

ومن وصاياه (ع)، لأخيه محمد بن الحنفيّة: إني أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله جاء بالحقِّ من عنده وأنّ الجنة حق والنّار حق وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور. وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدي w، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المُنكر وأسير بسيرة جدي محمد w، وأبي عليّ فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن ردَّ علي أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين.

أكرم الله سبحانه وتعالى سيّدنا الحسين بشرف الشهادة ليكون مع أبيه وجده في الفردوس الأعلى وذلك في اليوم العاشر من شهر محرّم 61 هجرية. والّذين قتلوه هم الفئة الباغيّة باعوا أنفسهم للشيطان. رضي الله عن الحسين وجعلنا معه في الرضوان الأعلى، إنّه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.

الحسين (رضي الله عنه) نهج أحرى بنا أن نتبعه وأن نقتبس منه فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين النّاس من ركائز استمرار هذا الدين الحنيف رحم الله من قال:

حُبُّ الحسين وسيلة السعداء

وَخصاله قد عمَّت الأرجاء

سبطٌ تفرّع منه نسلُ المصطفى

فأضاءَ كوناً وَجهُهُ الوضاء