أختي أجادت دور الأم والأب معاً الحاجة جميلة الحاج علي العيتاوي

العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: الدكتور الحاج عصام علي العيتاوي

شاء الله تعالى أن يجعل أبناء المرحوم الحاج علي العيتاوي، من قرية لاسا في بلاد جبيل يتامى بفقد أُمهم المرحومة الحاجة سكينة الحاج علي عوض العيتاوي في عام 1953م. وهم جميعاً في مقتبل العمر من أكبرهم إلى أصغرهم، فمنهم من يعرف سمات أُمه، ويتذكرها بدموع يشاطره بها إخوته، ومنهم من بالكاد يعلم ملامحها، ومنهم من لا يعيها قط، وهذا لا شك من مآسي الحياة، أن تموت الأم قبل أن يعرفها أولادها والا تقع عينا الأم على أولادها شباباً وشابات.

وكم كانت مشيئة الله تعالى أن يسترجع وديعة روح أُمّنا إليه لإراحتها شاء في الوقت نفسه أن يجعل أختنا إبنة الثلاثة عشر ربيعاً، التي فاضت روح والدتي بين يديها، أُماً لإخوتها. وأمي أُختي موضوع هذا النص، رحلت وانتقلت للآخرة في الرابع من كانون الأوّل 2014م. وهي ما زالت بنفسيّة طفلة وقلب بريء، عرفتها في بداية عمري بأنّها أُمي، فكنت أُناديها يا أُمي ككل طفل ينادي أُمّه ويتعلق بها، ولّما بلغت مرحلة التكليف، بدأت استبدل مناداتي لها يا أمي إلى يا أختي.

ولا أبوح سراً أنها كانت تتحلى بوافر جمال حباها الله إياه، مُندمجاً بحس مرهف نقي الشفافيّة، ما جعلها تستقطب حب من عرفها من أُولى النظرات، وكنت الحظها كيف تمسّكها بالقيم الإنسانيّة من أعلاها، والتي أصبحت لديها سجيّة دالةً على فتيات عصرها، الذين لن يرمش لهنَّ رمش في إختيار شريك العمر، قبل علم الأهل، والّذين كن يعتبرنَّ أن النظرة أو الإشارة أو البسمة أو الكلمة الأولى لا تمرُّ إلا بعلم أولياء الأمر، لأنّها تمسُّ بكرامتهنَّ وشرفهنَّ حتى ولو من أقرب المقربين.

أُختي أمي الحبيبة المرحومة الحاجة جميلة، ضحّت بكل ما تملك في سبيلنا، وخدمتنا قربةً لله تعالى بكل ما لديها من حنان ومحبة وعطف، باذلة زهرة شبابها برضاها حتى أصبحنا همّها الأوفى نحن، تنظر من خلالنا إلى المستقبل، حتى غدا نهاية عالمها بلوغنا مرحلة الشباب وتحقيق آمانينا.

وكلمة مقاربة أقولها: نحن لما كبرنا بقدر الرجال تزوجنا، وهي لما كبرت لم تتزوج مع أنّه لم يفتها القطار، لكنها أبت من أجلنا، نحن ربينا أولادنا وهي ربتنا وأولادنا، وآثرت أن ترحل دون غصن، نحن مارسنا دور الآباء وهي أجادت دور الأم والأب معاً، منذ وفاة والدنا في 1987م. نحن تحوّل همنا لأولادنا شأن كل الأهل، وهي بقي همها يتجسد فينا وبأولادنا وأحفادنا معاً، فكانت أُماً وأباً في آن بكل ما للكلمة من معنى(1).

 

الهوامش:

(1) ـ الحاجة جميلة الحاج علي العيتاوي توفاها الله تعالى في الرابع من كانون الأوّل 2014م. ونقل جثمانها الطاهر إلى النّجف الأشرف لتدفن قرب شقيقها المربي الفاضل الدكتور الحاج سلمان الحاج علي العيتاوي في رحاب أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب t، كلمة الدكتور الحاج عصام علي العيتاوي مؤلفة من أربع صفحات جرى إختصارها والتصرّف بها مع أخذ الإذن منه لضيق المقام.